هل يلتزم النظام السعودي السقف الذي رسمته واشنطن للهجوم الذي تشنه الرياض على لبنان؟ ليل أول من أمس، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية على لسان المتحدث باسمها جون كيربي، أن بلاده عبّرت للرياض عن "قلقها حيال قطع المساعدة العسكرية" السعودية عن لبنان. وقال كيربي إن دعم الجيش اللبناني يعزز التوازن في مواجهة حزب الله وداعميه. ولم يكشف كيربي عن فحوى اتصالات قال إن بلاده أجرتها بالنظام السعودي، للتعبير عن هذا القلق. لكن صحيفة "وول ستريت جورنال" كشفت أمس أن وزير الخارجية الأميركي جون كيري، حذّر الرياض ودولاً خليجية أخرى من الإفراط في ردّ الفعل تجاه لبنان وزعزعة اقتصاده. يقرأ سياسي لبناني قريب من السعودية هذه المعلومات بأنها تشير إلى أن واشنطن رسمت خطاً أحمر لن تتجاوزه أنظمة الخليج. وبرأيه، إن هذا الموقف الأميركي هو المهم، أما باقي المواقف فتفاصيل. وكشفت الصحيفة الأميركية أيضاً أن الحكومة الفرنسية عبّرت للسعوديين عن قلقها على الأوضاع في لبنان، في اجتماعات أخيرة عُقِدت بين الطرفين، في إشارة إلى لقاء الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند بولي العهد السعودي محمد بن نايف الأسبوع الماضي.
ردّ الفعل السعودي لم يظهر بعد. فالإعلان عن محاصرة خليجية لحزب الله إعلامياً يبقى أمراً غير ذي قيمة بالنسبة إلى استقرار لبنان.
فرنجية لباسيل: كنا قَبْلكم ومستمرون معكم وباقون بعدكم
ورغم عدم إمكان التعويل على ما يعلنه وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، فإن موقفه أمس حمل شيئاً من التراجع عن اللهجة "الحربية" تجاه لبنان. فهو من جهة حصر هدف الإجراءات الخليجية بـ"العمل على منع حزب الله من الاستفادة من دول مجلس التعاون بأي مجال"، رابطاً هذه الإجراءات بـ"تصنيف أشخاص وشركات لعدم التعامل معهم ولعدم قدومهم إلى دول مجلس التعاون الخليجي". ومن جهة أخرى، فإنه قرن هذا الهدف بـ"المطالبة بوحدة لبنان"، معبّراً عن انزعاجه من "أن ميليشيا مصنفة إرهابية تسيطر على قرار" لبنان. وحتى ليل أمس، لم يتّضح للقوى السياسية المحلية ما إذا كان كلام الجبير يعبّر فعلاً عن التزام بالقرار الأميركي، أو أنه تمهيد لإجراءت جديدة تطاول المؤسسات اللبنانية، تحت عنوان محاصرة حزب الله. وهل "المطالبة بوحدة لبنان" مجرد كلام إنشائي، أم أنها تعبّر عن انصياع للقرار الأميركي بالحفاظ على استقرار لبنان.
وكان رئيس الحكومة تمام سلام، قد استقبل سفراء الدول الخليجية، وحمّلهم رسالة إلى حكام بلادهم.

جلسة حاسمة لأزمة النفايات؟

على صعيد آخر، من المنتظر أن تعقد لجنة متابعة أزمة النفايات اجتماعاً حاسماً لها اليوم، بمتابعة البحث عن حل للأزمة التي باتت تهدّد أرواح جزء كبير من اللبنانين، وخاصة في جبل لبنان. وعُلِم أن جلسة أمس شهدت "خروقات" وصفتها مصادر اللجنة بالإيجابية، وفق الآتي:
ــ الاتفاق على إعادة فتح مطمر الناعمة لاستيعاب النفايات الموجودة في الشارع وأماكن التخزين المؤقتة.
ــ الاتفاق على إرسال كمية من النفايات من مدينة بيروت إلى معمل صيدا، بالقدر الذي يستوعبه هذا المعمل الذي يجري تشغيله حالياً بأقل من طاقته الاستيعابية. وقالت مصادر اللجنة، رداً على سؤال: "لا يوجد مبرر للاعتراض على نقل جزء من نفايات بيروت إلى معمل صيدا، ما دام هذا المعمل موجوداً ويجري تشغيله. كذلك إن نقل نفايات إضافية إليه سيزيد من مدخوله".
ــ جرى الاتفاق مبدئياً على إقامة معمل في برج حمود، من ضمن خطة للتخلص من جبل النفايات غير المعالجة الموجود عند شاطئ المدينة، وإقامة منطقة ردميات تستوعب طمر النفايات بعد معالجتها. ومن المنتظر أن يشهد اجتماع اليوم عرضاً يُقدَّم لممثلي حزب الطاشناق، يتضمن تفاصيل المعمل الذي سيُقام وما ستحصل عليه المدينة نتيجة ذلك.
ــ بالنسبة إلى فكرة إقامة مطمر في منطقة "كوستابرفا" في الشويفات، قالت المصادر إن النائب طلال أرسلان لم يعد معترضاً على المبدأ، ولكنه يبحث في "الإخراج". وأشارت إلى أنه اقترح مواقع غير الكوستابرافا لإقامة مطمر فيها، من دون أن يُتَّفَق عليها.
ولفتت مصادر اللجنة إلى أن الفكرة التي يجري درسها هي إقامة مساحتين لتجميع النفايات بصورة مؤقتة في برج حمود ومنطقة كوستابرافا، إلى حين تجهيز معملين للفرز والمعالجة.

سجال فرنجية ـ باسيل

من جهة أخرى، عُقِدت أمس جلسة للحوار الوطني في عين التينة، كانت مناسبة ليكرر ممثلو القوى السياسية مواقفهم المعروفة. لكن اللافت هو السجال الذي دار بين الوزير جبران باسيل والنائب سليمان فرنجية. فبعدما قال باسيل إنه «عندما تتوافر الميثاقية ويحترم التمثيل المسيحي، ننزل إلى مجلس النواب لانتخاب الرئيس»، وإن الرأي العام المسيحي غيّب من 1990 إلى 2005، تدخّل فرنجية قائلاً: «أنتم تتصرفون كما لو أنكم لا تزالون في المعارضة، علماً بأنكم في السلطة من عدّة أعوام. أفهم أن هناك خللاً في الطائف، لكنّ هذا أتى كردّ فعل على تصرفات العماد عون قبل الطائف، لذلك عمدوا إلى سحب بعض صلاحيات رئيس الجمهورية». وتابع: «أنتم تتكلمون وتتصرفون كما لو أنه لا دخل لكم، علماً بأن جزءاً من المشاكل التي نحن فيها الآن، هي بسبب تيارك (لباسيل)». وأضاف فرنجية: «أنتم تتكلمون عن المسيحيين، كما لو أنكم تختصرون المسيحيين. صحيح أنه بين 1990 و2005 كان المسيحيون غائبين، وصحيح أنه كان هناك دور في السلطة لمسيحيين لا تمثيل لهم وهم ليسوا موجودين الآن، ولكن نحن لنا تمثيل، وكنا قبلكم، وموجودون معكم، وسوف نكون بعدكم». وتابع معلّقاً على التحالف القواتي العوني بالقول: «أنتم تعتبرون أنكم إذا تفاهمتم مع جعجع تختصرون المسيحيين، وهذا خطأ، وإذا كنا نرحّب بأي تقارب بين الناس والقوى السياسية، فهذا لا يعني أن المتقاربين يختصرون الجميع»، وكرّر قوله: «نحن كنّا قبلكم، ومعكم الآن، وباقون بعدكم».
وكان باسيل قد ذكر مسألة الإحصاءات واستطلاعات الرأي العام، التي تبيّن أن الجنرال عون ينال أكثرية ساحقة عند المسيحيين.