واصل الإعلام العبري اهتمامه اللافت بالهجوم الأميركي المرتقب على سوريا، وشُغل محللوه بالتعليق على قدراته وتداعياته، والبحث في خياراته الممكنة، وسط تحذير من تدخل إسرائيلي أو جرعة هجومية زائدة تستدعي رداً سورياً كبيراً من شأنه أن يجرّ إلى مواجهة شاملة في المنطقة. وأشارت صحيفة «معاريف» إلى وجود مشكلة لدى الرئيس الأميركي إزاء القرار الواجب اتخاذه ضد الرئيس السوري بشار الأسد، على خلفية إدراكه أنه «لم يعد هناك حروب خفيفة تنتهي بضربة واحدة ومن ثم العودة إلى الديار»، كما أنّ أوباما يقرأ جيداً الرأي العام الأميركي الذي عبّر ربع المستطلعين فيه عن تأييدهم لعملية عسكرية أميركية في سوريا.
وعن الخيار الممكن أن يلجأ اليه، تشير الصحيفة إلى إمكان أن يأمر أوباما بتنفيذ عملية عسكرية ذات هدف واحد وواضح، وهو تدمير مخزون السلاح غير التقليدي الموجود في حوزة سوريا و«كل عملية عسكرية تتجاوز تدمير السلاح غير التقليدي من شأنها أن تجر إلى ردود فعل سورية ضد أهداف أميركية قد يصلها مدى السلاح السوري». وأضافت أنّ «التخوف الأكبر الموجود لدى أوباما قد يكون تدحرج العملية نحو إسرائيل، بسبب فهم مغلوط للواقع (من قبل السوريين)، الأمر الذي من شأنه أن يتطوّر إلى مواجهة تخرج عن نطاق السيطرة».
وحذرت الصحيفة من تبعات الآتي واليوم الذي يلي الضربات، مشيرة إلى أنّ «من السهل البدء بعملية عسكرية، إلا أن من الصعب جداً إنهاءها كما هو مخطط لها».
من جهته، حذر ناحوم برنياع، في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، إسرائيل من التدخل في الحرب الدائرة في سوريا، وطالب صانع القرار في تل أبيب بضرورة الاكتفاء بالتحذير وإعلان النيات الدفاعية، من دون الدخول في معمعة الحرب، حتى ولو جرى التقدير بأنّ الرد السوري على التحرك الإسرائيلي سيكون محدوداً.
وأشار برنياع إلى أنّه يوجد على طاولة الرئيس الأميركي سلسلة من الخيارات العسكرية التي يفترض به أن يختار أحدها، إلا أنّ السؤال يبقى هو هو: «ما الذي يريد أن يحققه؟». وهذه الخيارات تتصاعد من السهل إلى الثقيل، ومن استعراض القوة إلى العقاب فالردع والفعل الدراماتيكي، وصولاً إلى إسقاط الحكم، علماً بأنّ «العالم لا يتوقع عملية طويلة، وبالتأكيد لا يتوقع عملية تحسم مصير الحرب الأهلية».
وشدّد برنياع على عامل أساسي من شأنه أن يشير إلى القرار المنوي اتخاذه، والخيار العسكري الذي سيلجأ إليه الرئيس الأميركي، «إذ إنّ أوباما لا يريد أن يتورط في تصعيد يلزمه بمزيد من العمليات، حيث إنّ هجوماً صاروخياً مكثفاً من سوريا على إسرائيل أو على تركيا، لا يمكن أن يبقي أميركا غير مبالية».
ونوّهت صحيفة «هآرتس» بما سمّته «التأييد الدولي الشامل» للهجوم الغربي المتوقع على سوريا، مشيرةً إلى أنّ «الولايات المتحدة ما كانت لتتمنى تحالفاً دولياً أكثر إراحة للهجوم على سوريا مما بات لديها الآن. فتأييد الجامعة العربية ودعم تركيا يشيران إلى واشنطن ودمشق بأنّ الهجوم سيحظى بتأييد شبه شامل».
وكتب معلق الشؤون العربية في «هآرتس»، تسفي برئيل، أنّ الشرعية الدولية للهجوم الأميركي على سوريا ترتكز أساساً على أنّ الهجوم سيكون موزوناً ونقياً مع عدد قليل من الخسائر، «رغم أنّ تجارب الماضي برهنت على أنه لا يوجد هجوم بلا خسائر»، مشيراً إلى أنّ «في حوزة الجيش الأميركي بنك أهداف يعتمد أيضاً على قائمة طويلة فيها 35 منشأة تطلب المعارضة السورية والجيش السوري الحر ضربها، ومن شأن ضربها أن يمنح الجيش السوري الحر تفوقاً استراتيجياً واضحاً، يمكّنه من أن يحسم المعركة». وحذر برئيل من أنّ هجوماً كهذا قد يكسر «الاتفاق الدولي»، وقد يدفع روسيا وإيران إلى التحرك والانتقال إلى العمل بعد أن تضعان خطوطاً حمراء خاصة بهما.
في السياق نفسه، كتب الخبير في الشؤون السورية، ايال زيسر، منوّهاً باتحاد العالم العربي على مواجهة سوريا، ووقوفه صفاً واحداً وفي جبهة واحدة مع الدول الغربية، ومن وراء الولايات المتحدة، في مواجهة الأسد ونظامه، ومشيراً إلى أنّ «المسألة لا تتعلق بالحكام العرب فقط، فهم مترددون، مثل أوباما نفسه، في غمس أيديهم في سوريا، بل المسألة تتعلق بتأييد الشارع العربي وشباب ميدان التحرير الذين يرون المتمردين السوريين إخوة في النضال، وهم غير مستعدين للأسف على بشار، حتى ولو باسم نضاله ضد إسرائيل».