المواقف والتعليقات الإسرائيلية في أعقاب تفجير الرويس، جاءت موحدة وبدت موجهة ومدروسة جيداً، وتركزت في ثلاثة اتجاهات: رفض أو التقليل من أهمية الاتهامات الصادرة في لبنان التي تربط بين إسرائيل وبين الانفجار؛ تأكيد أن الحرب في سوريا بدأت تنزلق إلى لبنان، وتوقع المزيد من الهجمات مستقبلاً؛ والأهم كان التشديد على الربط بين التفجير والتفجيرات المقبلة، وبين تدخل حزب الله في سوريا، في رسالة شبيهة بتبريرات التفجير لعدد من أقطاب فريق 14 آذار في لبنان.
وأعرب الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز عن «تفاجئه» بتلميح الرئيس ميشال سليمان إلى تورط إسرائيل في التفجير، وذلك قبيل لقائه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في القدس المحتلة أمس. وقال بيريز: «كانت مفاجأة لي أن يتهم الرئيس اللبناني إسرائيل؛ إذ كيف له أن ينظر باتجاه إسرائيل ويشن اتهاماً كهذا، في حين أن حزب الله موجود داخل البيت (اللبناني) مع صواريخه وقنابله ويقوم بقتل الناس في سوريا، ومن دون إذن من الحكومة اللبنانية». وأضاف: «ليس لإسرائيل علاقة بما يجري في لبنان، وكل ما نريده هو استقرار هذا البلد ووحدته».
وفي الاتجاه نفسه، قللت مصادر في وزارة الخارجية الإسرائيلية من أهمية تصريحات سليمان وتلميحاته، ورأت في حديث إلى صحيفة يديعوت أحرونوت، أن تصريحات سليمان لا تعبّر عن رأيه الحقيقي و«هي ترداد وقراءة لصفحة من كتاب حزب الله؛ إذ إن اتهام إسرائيل يأتي نتيجة للمسدس المصوب إلى رأسه، وهو نفسه لا يصدق الكلام الذي يخرج من فمه». وأضافت المصادر أن «حزب الله موجود في أزمة ويتهم إسرائيل تلقائياً، وقد كان واضحاً أن الانتقام من حزب الله آتٍ، على خلفية تورطه في القتال في سوريا».
ونقلت الصحيفة عن مصدر أمني إسرائيلي رفيع المستوى، تأكيده أن ما حصل في الضاحية «لم يكن مفاجئاً» بعد التوقعات الإسرائيلية المعلنة في السابق عن بدء انزلاق الحرب في سوريا إلى لبنان. وأشار المصدر إلى أن «رئيس الأركان بني غانتس تحدث قبل مدة وتنبأ بأن النار بدأت تشتعل بعباءة (الأمين العام لحزب الله السيد حسن) نصر الله». وأضاف أن «نبوءة غانتس بدأت بالتحقق وباتت واقعاً، والنيران تجاوزت أطراف العباءة، وها هي سيارة مفخخة تنفجر في بيروت، وتسبب دماراً كبيراً».
مع ذلك، أكد المصدر أن إسرائيل لا تريد عدم الاستقرار الأمني في جوارها، و«هي قلقة من نشوب حروب أهلية جديدة في المنطقة، تضاف إلى الحرب الأهلية المشتعلة في سوريا منذ عامين ونصف عام، إلا أننا لن نتدخل في ما يجري ولن نتخذ المواقف»، وأكد أن «التقدير في إسرائيل يرى أن حزب الله موجود في هذه المرحلة في ضائقة كبيرة، رغم النجاحات النسبية التي حققها في الحرب السورية، ونصر الله لم يعد حامي لبنان، بل حامي النظام في سوريا، وها هو بدأ يدفع الثمن».
ونقلت الصحيفة عن مصدر سياسي إسرائيلي رفيع المستوى تأكيده أن «تدخل حزب الله في سوريا يضع هذا التنظيم في مأزق، مع كل الانتقادات المسقة ضده في الداخل»، مشيراً إلى أن «تقديرنا يرى أن الهجمات ستتواصل، والحرب ستنزلق إلى لبنان على خلفية تدخل حزب الله في سوريا».
بدوره، رفض رئيس الموساد الإسرائيلي السابق داني ياتوم اتهام إسرائيل بوقوفها خلف التفجير، مشيراً في حديث لإذاعة جيش العدو أمس، إلى أن «أقوال الرئيس اللبناني وغيره من المسؤولين اللبنانيين باتهامهم إسرائيل، ليست جدية ولا يصدقها حتى من يطلقها»، مضيفاً أنّ «تفجير سيارة مفخخة يهدف إلى القتل من دون تمييز، بما يشمل النساء والأطفال، وهذا السلاح هو سلاح منظمات إرهابية»، ورجح «أن تكون الجهة التي قامت بالتفجير، شبيهة في جوهرها بحزب الله»، وقال: «قد تكون الجهة المسؤولة عن التفجير أحد التنظيمات العاملة في الساحة السورية».
وطالب ياتوم بضرورة الوقوف جانباً وعدم التدخل في لبنان أو في سوريا، وقال: «إذا قررت تلك التنظيمات أن تتعارك في ما بينها، فعلينا أن لا نتدخل وأن نجلس نراقب اقتتالها، سواء في الساحة اللبنانية أو السورية، فنحن لدينا ما يكفي من المشاكل كي ننشغل بها ونعمل على حلها».

جنبلاط «انتهازي»

من جهته، أكد موقع «واللا» الإخباري العبري على الإنترنت، رفض إسرائيل أي ربط بينها وبين التفجير في الرويس. وتوقف الموقع أمام «سلسلة الاتهامات» الصادرة في بيروت باتجاه إسرائيل، والتي نوه بأن معظمها لم يكن صادراً عن شخصيات شيعية لبنانية، واصفاً إياها بالتصريحات التي «تستخف بالعقول، حتى وإن صدرت عن الرئيس اللبناني ميشال سليمان، الذي قال إن التفجير يحمل بصمات إسرائيلية، أو زعيم الطائفة الدرزية، (النائب) وليد جنبلاط، أحد أكبر الانتهازيين في الشرق الأوسط، الذي أطلق بدوره اتهاماً مشابهاً».
بحسب الموقع، إن سبب الاتهامات لإسرائيل، واضح جداً: «يخشى السياسيون اللبنانيون، وعلى رأسهم سليمان، أن يؤدي الانفجار إلى رد فعل عنيف من قبل حزب الله، الأمر الذي يدفعهم إلى توجيه إصبع الاتهام إلى إسرائيل، ومحاولة إنتاج عدو مشترك للبنانيين»، مشيراً إلى أنّ «الرئيس سليمان، وهو نفسه الذي طالب قبل أيام بتجريد حزب الله من سلاحه، خائف من رد فعل حزب الله، وأن يقدم بعد التفجير على تطهير الدولة كلها من خصومه».