القاهرة | هي الحجة نفسها عادت المؤسسة العسكرية لاستخدامها من أجل تبرير استخدام الحل الأمني ضد متظاهري رابعة والنهضة: مؤامرة دولية ومخططات تخريبية وفوضوية لـ«الإخوان المسلمين» لتقسيم البلاد وإقامة مشروعها الإسلامي. دفعت وزارة الداخلية إلى الواجهة، وقدمت نفسها على أنّها «سند» الشرطة. جاءتها دفعة معنوية من جبهة الإنقاذ الوطني، التي لم تكتف بمباركة الحلّ الأمني، بل غمزت من أنّ اقتراحات الحل السلمية «نصف انتصار». أما قيادات الجماعة، فاختفوا من الساحة باستثناء محمد البلتاجي، الذي ظل متمسكاً بالشرعية «والقتال»، حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً. مصادر أمنية قالت لـ«الأخبار» إن «كابوس سيطرة الإخوان وحلفائهم وتهديدهم بحرق مصر وتحويلها الى إمارة إسلامية انتهى»، مضيفةً: «سنعيد الأوضاع لنصابها ولن نسمح بخراب البلاد». أضافت أن «القوات المسلحة حتى الآن تلتزم التعامل بمبدأ ضبط النفس لمراعاة أن من يقومون بأعمال التخريب هم من أبناء مصر، وأن التعصب الإيديولوجي والسياسي هو الدافع الوحيد وراء أعمالهم التخريبية». غير أنها أضافت: «سنبطش بيد من حديد في حال تناسيهم حرمة الدماء المصرية التي تسيل، وخصوصاً أن دعواهم المتعلقة بالتدمير والخراب كانت بصورة علانية».
وأشارت المصادر نفسها إلى أن «القيادة العامة للقوات المسلحة تعهدت في السابق عدم إراقة الدماء، ولهذا تتعامل بصبر وهدوء على التجاوزات التي تحدث لتجنب التهليل وتزييف الحقائق من الأجندة الإخوانية». وقالت إن «الملاحقة القضائية والقانونية ستكون السبيل الوحيد في التعامل مع الإخوان المسلمين ومجموعاتهم المسلحة الأجنبية وعناصرهم الموالية، ولن نتهاون في ردع الخارجين عن القانون في العاصمة والمحافظات، ولن يردعنا أي ضغط خارجي».
المصادر العسكرية أبدت تفهم القوات المسلحة «لغضب الإخوان على خسارة وجودهم السياسي بين المصريين»، وقالت إنها «تجنبت مراراً حدوث هذا المشهد، ووجهت نصائح مباشرة إلى القيادات التي كانت تعتلي رأس الدولة وتدير النظام»، لكن «الطوفان البشري يوم 30 يونيو أجبرنا على حماية البلاد من هوة الدخول في معارك وحروب أهلية».
وبالنسبة إلى التعاون مع الداخلية، قالت المصادر: «سيجري التنسيق الكامل مع عناصر وزارة الداخلية للانتشار الشامل في كل شبر في المعمورة ومحافظاتها لاستعادة أمن المناطق الحيوية بعد الانتهاء من فض اعتصامي ميدان النهضة بمحافظة الجيزة وميدان رابعة العدوية بمحافظة القاهرة القريب من منشآت سيادية، وعلى رأسها وزارة الدفاع ومبنى المخابرات الحربية».
وقالت إنه «سيتم الاستعانة بمستشار الرئيس للشؤون الأمنية اللواء أحمد جمال الدين، لوضع الخطط التي ستعيد الحالة الأمنية لما كانت عليه في السابق».
من جهة ثانية، كشفت «مصادر سيادية» أن فض اعتصام رابعة العدوية «كشف مخطط الإخوان المسلمين الخاص بإعداد تفجيرات في مناطق مختلفة». وأكدت «منعنا مخططاً كبيراً لتفجير مقر المخابرات الحربية صباح أمس وقمنا بالسيطرة على الموقف، ومنعنا اقتحامه». وأضافت: «الإخوان كانوا يخططون لاحتلال واقتحام مبنى القيادة الشعبية في مدينة نصر، القريب من رابعة العدوية وخططوا للاستيلاء على ملفات هامة من الأمن الوطني بهدف التستر على جرائمهم». وتابعت: «تصدينا لتوريد صفقة سلاح كبيرة قبل إدخالها لمحيط الاعتصام بإشارة رابعة العدوية».
وكشفت تقارير سيادية عن تخطيط «الإخوان» لاقتحام السجون في العاصمة والمحافظات في توقيت واحد تقريباً وتهريب من بداخلها من مسجونين سواء كانوا تابعين لجماعة «الإخوان المسلمين» أو من غيرهم كرد فعل انتقامي على فض اعتصاماتهم.
من جهة ثانية، كشفت مصادر مطلعة لـ«الأخبار» أنّ العناصر المسلحة والمعتصمين المقبوض عليهم خلال عمليات فض الاعتصامات هم من الموالين لجماعة «الإخوان المسلمين» وأعضاء الجماعة «والعناصر الأجنبية المنتمية لنفس أجندتهم»، تم ترحيلهم الى منشآت سيادية، لم تسمها، ولم يتم ترحيلهم الى مديرية الأمن، وهناك جهات أمنية رفيعة المستوى ستتولى التحقيق معهم، وخاصة بعدما «ضبطت في هذه الميادين كميات كبيرة من الأسلحة».
واستطردت المصادر نفسها بأنّ «هناك جهات سيادية قادرة على التحقيق معهم»، مشددة على أنه «حتى العناصر الأجنبية لن تتولى المخابرات الحربية مسؤولية التحقيق معهم، لكن الأمر لا يمنع من حضور مندوب عن جهاز المخابرات الحربية للاستماع إلى أقوال المتهمين، وخاصة أن مخططاتهم تضر بالأمن القومي للبلاد».
موقف الجيش، الذي برّر استخدام الحل الأمني مع تظاهرات أنصار مرسي، كان له سند سياسي قوي تمثل في جبهة «الإنقاذ الوطني»، التي أعلنت بوضوح عقب اجتماع لها أن «مصر ترفع اليوم رأسها عالياً معلنة للعالم ليس فقط انتصارها على كل القوى السياسية التي تسعى للاتجار باسم الدين في مصر والمنطقة، وانما أيضاً على مؤامرات بعض الدول التي حاولت جاهدة مساندة حكم مكتب الإرشاد».
وذهبت الجبهة الى أبعد من ذلك، معتبرةً أن الحل السلمي «نصف انتصار»، بقولها إنّ «المؤامرة حاولت أن تفرض على مصر نصف انتصار باقتراح ما سموه الخروج الآمن، ورد أموال الجماعة والسماح لها بالنشاط، لكن صلابة القيادة والقوات المسلحة والإرادة الشعبية الجماعية فرضت فض الاعتصام على يد قوات الأمن». وطالبت الشباب بتشكيل لجان شعبية لحماية الممتلكات.
وخلصت «إذ تحيي قوات الشرطة والجيش، فإنها تحني رأسها إجلالاً واحتراماً لشعب عظيم فرض إرادة الانتصار الكامل، ويواصل السعي لصياغة دستور يليق بمصر متحضرة، ناهضة نحو مستقبل مشرق وديموقراطي ودولة مدنية وعدالة اجتماعية».
وفي تصريح لـ«الأخبار»، قال القيادي في الجبهة، وحيد عبد المجيد، إن «جماعة الاخوان إرهابية لا تختلف عن الجماعات الجهادية وتنظيم القاعدة العالمي». وأشاد «بطريقة فض الاعتصام التي اتبعتها قوات الشرطة المصرية، حيث بدأت بالتنبيه وتحذير المعتصمين ومن ثم قطع الكهرباء عنهم حيث اعتصامهم برابعة العدوية، ومن ثم فضه باستخدام قنابل الغاز المسيل للدموع، مع التزام عدم استخدام السلاح الا بعد مواجهة الاخوان لهم بكلاشينكوف والرصاص الحي».
أما الإسلاميون فواصلوا تمسكهم بالشرعية حتى اللحظة الأخيرة. وكان القيادي بحزب «الحرية والعدالة» محمد البلتاجي، مقداماً في تحريض المتظاهرين منذ الساعات الأولى لفض الاعتصامات، قائلاً من على منصة «رابعة»، إن «ثوار الشرعية ملتزمون السلمية منذ اللحظة الأولى للانقلاب العسكري الدموي على الشرعية الشعبية»، وإن «سلطات الانقلاب استباحت دماء المصريين في صورة لم تحدث من قبل في تاريخ البشرية من قتل الجيش والشرطة لشعوبهم».
وقال إن «الجيش المصري تحت قيادة الانقلابي السفاح عبد الفتاح السيسي فاق إجرام الصهاينة»، مضيفاً أنّه «كان على متن سفينة «مرمرة» التركية التي هاجمها الجيش الصهيوني، الذي توقف عن القتل بعد استشهاد 9 من أفراد السفينة وقام بإنزال الطائرات الحربية لإنقاذ الجرحى، في حين أن قوات السيسي تزداد قتلاً للشعب المصري، وتمنع دخول إسعاف المصابيين وتستبيح دماء العلماء والثوار السلميين».