ينتظر الاخوان المسلمون في لبنان ظهور «اردوغان مصر». بالنسبة اليهم، «الانقلاب العسكري» الذي عاشته ارض الكنانة يشبه ما جرى مع الرئيس الوزراء التركي الاسبق نجم الدين اربكان. في انقرة انقلب العسكر على «الشرعية»، مطيحين تنظيم الاخوان. لكن بعد فترة اتاهم رئيس الوزراء الحالي الاخواني رجب طيب اردوغان «حاكم المنطقة»، كما يصفه نائب الجماعة الاسلامية السابق اسعد هرموش.
يتوقع ابناء حسن البنا في لبنان تكرار «التجربة التركية» في مصر. وفي انتظار «اردوغان مصر»، تعيش الجماعة حال ترقب لما يجري مع مؤسستها الام. لا يؤثر فيهم خبر اعتقال المرشد العام للاخوان محمد بديع. يقول هرموش ان «الرجل قضى 18 عاماً في السجن. لن يضيره إذا سجن مجدداً حتى الانتخابات المقبلة».
على مدى الايام الماضية، تابعت الجماعة تفاصيل «الانقلاب». يعرفون ان ما جرى سينعكس سلباً على المنطقة العربية. بالنسبة اليهم، ابعاد الاسلام المعتدل عن الحكم في مصر، سيأتي بالاسلام المتشدد. وتقول احدى قيادات التنظيم العالمي ان «الاسلاميين اذا حشروا، يفجّرون أنفسهم، هل يريدون ايصال المنطقة الى هذه النقطة؟».
ما جرى في مصر أعاد السيناريو الجزائري الى الاذهان، بعد اطاحة العسكر الاسلاميين الذين اتوا عبر صناديق الاقتراع واعادة الجيش مجدداً الى السلطة. بين السيناريو الجزائري والسيناريو التركي، يقف ابناء الجماعة في انتظار ما ستحمله الايام. المؤكد، بالنسبة اليهم، ان عزل مرسي «انتكاسة للتجربة الديموقراطية، مما سيشكل حالة احباط لكل الديموقراطيات في العالم العربي»، يقول هرموش. ويصيف: «ما حدث انقلاب مدعوم بأموال عربية واموال مسروقة ومنهوبة من الشعب المصري لاسقاط اول رئيس ديموقراطي». لذلك فضل هؤلاء، «بمساعدة الحكام العرب الذين يخافون الاخوان، اسقاط مرسي معتبرين انه اذا حكم الاخوان مصر فسيحكمون الشرق».
على الصعيد المحلي اللبناني، وبعد بزوغ فجر الاخوان على المنطقة العربية انفتحت القوى السياسية على الفرع اللبناني للاخوان. يؤكد بعض اعضاء الجماعة ان سقوط الاخوان في مصر لن يؤثر عليهم. اذ ان «لا انتصار الاخوان شكل رافعة لنا ولا ترك الحكم سيشكل انتكاسة»، يقول هرموش.
نائب رئيس مجلس الشورى في الجماعة علي الشيخ عمار يرى ان «الاخوان لم يسقطوا، والاشهر المقبلة ستشهد حالة انتصار جديدة للاسلاميين من خلال محاصرة الانقلابيين». ويضيف: «العزيمة التي يتمتع بها الاسلاميون والقوى الوطنية الصادقة ستنهي الظاهرة التي تعيث فساداً في مصر وغيرها من البلدان الاسلامية». لا يرى الشيخ عمار ان اقصاء الاخوان عن الحكم سيؤثر في «باقي التيارات الاسلامية الموجودة في مختلف البلدان». فـ «الاسلاميون اعتادوا هذه السياسات خلال الفترات التي سبقت وجود السيسي وسيسقط كما سقط الذين قبله بالضربة القاضية»، خاتماً بأن ابعاد الاخوان «يوضح حجم المؤامرة التي تستهدف مصر وليس الحركة الاسلامية او الاخوان المسلمين».
الهدوء الذي يتحدث به بعض اعضاء الجماعة لا ينسحب على باقي اعضائها. رئيس المكتب السياسي للجماعة عزام الايوبي هاجم على الفايسبوك رئيس الوزراء الاسبق سعد الحريري بعد تهنئته الرئيس المصري الجديد. وكتب: «سعد الحريري يهنئ عدلي منصور؟ حقّاً إنّها مهزلة! هل نسي أنّه وتيّاره السياسي عانى ولا يزال من نفس الممارسة التي قامت بها المعارضة المصريّة مع الرئيس المنتخب؟ أين أصبح وصف ما قام به حزب الله معك يا دولة الرئيس بالانقلاب على شرعية الصناديق؟ ألم يكن حزب الله يمتلك ساحات ملئت بمئات الآلاف من المتظاهرين المنادين بسقوط حكومة السنيورة؟ هل أصبح اليوم استخدام العسكر لدعم الأقلية المعارضة أمراً طبيعياً ويستحق التهنئة؟ أم أنّها التبعيّة لمشروع العلمنة المحارب لكلّ ما هو إسلاميّ، والذي يتقاطع اليوم مع مشروع إيران وسوريا وحزب الله وإسرائيل! كن على ثقة أنّ ذاكرة الشعوب ستبقى حاضرة، وستحاسب عندما يحين الوقت». كما هاجم النائب عماد الحوت الحريري قائلاً «ما كنت انتظر ممن عانى من ممارسات السابع من أيار والقمصان السود أن يبادر لمباركة نفس الممارسات في مصر (...) اعلموا أنكم تقفون في وجه المشروع الوحيد الذي كان يمكن أن يوازن المشروع الايراني. ولكنني لم أعد استغرب. آن الأوان يا دولة الرئيس لمراجعة الذات والحسابات فالتاريخ لا يرحم والشعوب لا تسامح».
اما اخوان فلسطين، اي حماس. فهؤلاء منع عليهم التصريح. ويقول احد المقربين من الحركة ان ما جرى في مصر «انقلاب عسكري، لا يجب الفرح به اذ ان المقبل من الايام خطير». ويقول احد الديبلوماسيين العرب ان «ما جرى في مصر هو اعادة ترتيب الاوراق في المنطقة، لامساك المملكة العربية بها». اذ ان مشاركة حزب النور السلفي في خريطة الطريق التي وضعها الجيش اشارة الى «موافقة السعودية على هذا الانقلاب». يضيف الديبلوماسي ان «اقصاء قطر عن الساحة الدولية، والغاء دور الاخوان في مصر، ومن ثم اقصاء حالة الاسير في لبنان، وحصر تمثيل السنة بآل الحريري اعادة خلط اوراق، لتكون السعودية اللاعب الاساسي في المنطقة في المقبل من الايام».