عند الواحدة من ظهر أمس، هدأت منطقة تعمير عين الحلوة في صيدا بعدما شهدت اشتباكات عنيفة بين الجيش من جهة وبقايا جند الشام وفتح الإسلام من جهة أخرى.
فقد لبت المجموعات التابعة لأبو العبد الشمندور وبلال البدر وهيثم ومحمد الشعبي وأسامة الشهابي دعوات الشيخ أحمد الأسير لفتح جبهة من حي الطوارئ في المخيم ضد نقاط الجيش المقابلة، لمؤازرة الأسير في معركته ضده.
وكان ليل الأحد ـــ الاثنين قد شهد اشتباكات عنيفة بين الطرفين، استخدمت فيها الأسلحة الرشاشة والصاروخية. ولما اشتد استهداف نقاط الجيش، قرر ضرب مراكز تحصن المسلحين بالمدفعية. كثافة النيران المتبادلة أدت إلى تطاير الرصاص وشظايا القذائف في الهواء وإصابة سيارات ومنازل وممتلكات لمواطنين في مدينة صيدا. كما أنها شلت الحركة عند مدخل صيدا الجنوبي المحاذي للمخيم وصولاً إلى مدخلها الشمالي.
الليل الطويل من الاشتباكات، أعقبه في الصباح الباكر اتصال من النائب السابق أسامة سعد برئيس فرع استخبارات الجنوب في الجيش العميد علي شحرور، ناقلاً إليه عرض القيادي في عصبة الأنصار الشيخ أبو طارق السعدي بأن يتولى التفاوض مع المسلحين ودفعهم إلى وقف إطلاق النار ضد الجيش والانسحاب من التعمير إلى قواعدهم في حي الطوارئ. لكن الجيش رفض العرض، لعدم إعطاء المسلحين فرصة لكي ينظّموا صفوفهم ويحصلوا على الذخيرة اللازمة لمواصلة القتال. واشترط على فاعليات المخيم تسليم المعتدين. هنا سجل دخول لافت لحركة حماس على خط وساطة لوقف إطلاق النار مع قيادتي حزب الله وحركة أمل في بيروت التي أحالت اتخاذ القرار إلى الجيش. وفي الوقت الذي فتح فيه ممثل حركة حماس في لبنان علي بركة قناة اتصال مع شحرور، كان يقوم في الوقت ذاته بـ«التنسيق مع السعدي ورئيس الحركة الإسلامية المجاهدة الشيخ جمال خطاب»، كما أفاد في اتصال مع «الأخبار». دافع المبادرة التي «اتخذت بعد التماس عدم جدية في المعالجة من قبل القوى الأخرى»، بحسب بركة، كان «حماية المخيمات من الانجرار إلى الصراعات الداخلية اللبنانية ورفض الاعتداء على الجيش». ثم ما لبثت حماس أن رفعت من مستوى وساطتها، من خلال اتصال رئيس مكتبها السياسي خالد مشعل برئيس المجلس النيابي نبيه بري للطلب منه اقتراح وقف إطلاق النار على قيادة الجيش، وهذا ما كان.
عند الواحدة ظهراً، أنجز الاتفاق الذي أنتج هدوءاً في صيدا على جبهة التعمير. وكلفت لجنة أمنية مؤلفة من ممثلين عن العصبة والحركة الإسلامية والجهاد الإسلامي الإشراف على انسحاب المسلحين.
الاشتباك الأخير لم يكن كما سبقه. ليس لأنه الاعتداء الأول على الجيش في المنطقة منذ معركة نهر البارد فحسب، بل بسبب حجم الأضرار الكبيرة في الممتلكات الذي خلفه الاشتباك الذي لم ينقطع لساعات طويلة واستخدمت فيه الأسلحة الثقيلة. توقف الاشتباك سمح لأهالي التعمير بسحب جثة الشهيد محمد الكبش (25 عاماً) الذي قتل بسقوط قذيفة على محله، جرحت خمسة مواطنين آخرين كانوا يمرون في المكان. أما في صفوف المسلحين، فقد سجل جرح ثلاثة منهم، فيما جرح جندي في الجيش.