منذ بدايات موجة نزوح السوريين إلى لبنان، صار اللبنانيون يستشعرون ما يسمّونه «ازدحاماً سكّانياً» في المناطق، خافوا من انعكاساته على سوق الشقق وأسعارها وإيجاراتها، التي كانت قد بلغت معدّلات غير حميدة، وكان يسود اعتقاد باحتمالات انخفاضها. ظهرت هذه المشكلة أخيراً في التقرير الذي أصدره البنك الدولي عن لبنان، ورأى فيه أنّ «الأزمة في سوريا قد خلقت أزمة إنسانية ذات حجم هائل. إن عدم الاستقرار يؤثر سلباً على ثقة المستثمر والمستهلك على حد سواء، ويؤثر مباشرة على الممرات التجارية.
أما قطاع السياحة فهو الخاسر الأكبر، بينما أثبت قطاع العقارات وقطاع المصارف قدرة على الصمود في وجه الأزمة... ويرتفع الضغط المحلي على الأسعار من قبل اللاجئين السوريين على سبيل المثال: بدل إيجار الشقق».
يؤكد رئيس رابطة المهندسين الإنشائيين في نقابة المهندسين توفيق سنان دور طلب النازحين على المساكن والإيواء في ارتفاع نسبة قيمة الإيجارات في لبنان. فمنذ بدء موجة النزوح ارتفعت الإيجارات بنسبة 40 إلى 50% في المناطق عامة، بينما سجّلت ارتفاعاً أعلى من ذلك في المناطق الفارهة. أمّا تأثير حركة النزوح السوري على سوق العقارات بما هو بيع وشراء، فتكاد تكون معدومة؛ إذ إنّ اللاجئين الميسورين لم يعمدوا إلى شراء العقارات في لبنان بما أنّهم يعرفون أنّ ما يحدث في سوريا لا يمكن أن يبقى داخل حدود بلدهم فقط، إذ إنه سيفيض على الأراضي اللبنانية دون شكّ، لذا لم يظهروا استعداداً للشراء أو الاستقرار في لبنان، بل كثير منهم فضّلوا الانطلاق ناحية الخليج.
رغم الارتفاع الكبير في أسعار الإيجارات على امتداد مساحة البلاد، من ارتفاع سعر الشقة الفخمة إلى الغرفة الواحدة في المناطق الحدوديّة، إلا أنّ سنان يقول إنّ الوضع لم يؤثّر بنحو ملحوظ على اللبناني، بما أنّ الأخير يفضّل أن يسدّد بطريقة التقسيط قرضاً سكنياً على أن يدفع إيجاراً بلغ معدّله 500 دولار شهرياً. ويضيف أنّه بسبب الانخفاض الكبير على الطلب المتعلّق بقروض الأعمال، أصبح اعتماد البنوك بنحو أساسي على قروض السكن، من هنا هي تقدّم عروضاً كثيرة، تزداد مع فصل الصيف، وتصل حتى تسديد المبلغ بقدر 150$ شهرياً فقط! هذا مع الإشارة إلى أنّ مصرف لبنان أقرّ في بداية العام الجاري خطّة لتحفيز المصارف بقيمة 1.4 مليار دولار، 55% منها مخصّصة للقروض السكنيّة بفائدة لا تتجاوز 1% على المصارف، التي بدورها تُقدّم القروض بشروط أسهل للمستهلكين. لكن اللافت هو أنّ أكثر من 75% من التلك القروض المتاحة استُنفدت وفقاً لما أكّده حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أخيراً.