تلك مهمّة الدولة في بلاد تحترم نفسها: تكريم النساء والرجال الذين صنعوا العصر الذهبي لبيروت. لكنّها تحققت، كالعادة في بيروت، بمبادرة فرديّة، تحت عنوان «مهرجان 50 يوماً/ 50 سنة» (الأخبار، ١٥/٣/٢٠١١). وحرص المنظمون على جمع ما تيسّر من هذا الأرشيف المعرّض للاندثار، وتوثيق اللقاءات مع الروّاد.
جلس المعلّمون في مواجهة الجمهور الشاب في معظمه، ورفاق مسيرتهم والنقاد والصحافة، استعادوا المحطات، وقيّموا الماضي، وردّوا على الأسئلة والانتقادات أحياناً. التقينا، في المحطّة الأولى التي نتمنّى أن تتواصل، كل من منير أبو دبس وأنطوان ولطيفة ملتقى وريمون جبارة ويعقوب الشدراوي.
اليوم، نفهم أكثر أهميّة تلك اللحظة واستثنائيّتها. كان يعقوب ـــ «الأستاذ» كما يسمّيه زملاؤه وزميلاته الشباب ـــ مؤثراً، وهادئاً، ومتألّقاً كما في أخصب أيّامه. استعاد تجاربه وأسئلته، كشف بعض أسرار صنعته، واستعاد فلسفته الثابتة رغم تحوّل الزمن. أضحكه كثيراً عنوان البورتريه عنه في «الأخبار» (٦/٤/٢٠١١): «الزغرتاوي الذي صالح ستانيسلافسكي وبريخت». بدا كأن شهيّة الشباب استبدّت به من جديد، لكن من دون أوهام هذه المرّة. كان ينظر إلى الزمن بعين ناقدة متطلّبة كالعادة، رقيقة وقاسية في آن معاً. نذكر كلامه عن علاقة المسرح بالحاضرة، بالمدينة، بالديموقراطيّة. نذكر ابتسامته الخفيفة، ابتسامة العارف. وجهه المتوهّج في ذاكرتنا اليوم بين أطياف المسرح. تلك الصورة ستتغلّب على الموت.




يمكنكم متابعة بيار أبي صعب عبر تويتر | PierreABISAAB@