هي 13 عاماً فقط. سنوات معدودة، لا تكفي لتمحو من الذاكرة ما حصل على أرض جنوب لبنان في مثل هذه الأيام. عبارة «الحمد لله اللي تحرّرنا» لا تزال تتردّد على ألسنة كلّ جنوبية وجنوبيّ قاسى من ظلم الاحتلال ومن اعتداءات عملائه. ليالي السهر الطويلة على وقع القصف المدفعي، وساعات الانتظار الطويلة على بوابات المعابر المذلّة، لا تزال آثارها واضحة في أكثر من مكان. معتقل الخيام، الذي اختلط فيه صراخ المقاومين الأبطال بدماء رفاقهم وآلامهم لا يزال شاهداً على ما كان.
وادي الشهداء (السلوقي) لا يزال بكراً، يحتضن تحت عدد من أشجاره رفات شهداء، وجراح فارّين من خدمة إلزامية في صفوف العملاء. أمهات الشهداء وحدهنّ يعرفن طريق أولادهن، والرجال الذين اضطروا مراهقين إلى الهرب من منازل ذويهم لا يزالون يتذكرون ليلة مخيفة عبروا خلالها الوادي لكي لا يخونوا أهلهم.
هي 13 عاماً فقط. سنوات معدودة لا تكفي لفقدان الذاكرة الموصوف الذي أصاب الكثيرين، ولا لحالة الإنكار التي يتعامل فيها البعض مع الحدث الأوّل الذي أفرح العرب بعد عقود من الهزائم والخيبات، وأرّخ لولادة فجر عربي جديد. في المناسبة المفصل في تاريخ هذه الأمة، بعض من ذاكرة وطن هزم إسرائيل.