كان اقتراح القانون الأرثوذكسي يعد النائب نعمة الله أبي نصر بوضع حد لمعاناته مع قانون التجنيس، عبر عزل صناديق الاقتراع عن «لعبة العد» وتكريس حصول كل مذهب على مقاعده النيابية بغض النظر عن عدد ناخبيه ونسبتهم مقارنة بناخبي المذاهب الأخرى. أما وقد سقط اقتراح ايلي الفرزلي، فما عاد أمام النائب الكسروانيّ غير الصلاة لتمديد ولاية المجلس الحالي، لأن حفاظه على مكانه في اللائحة البرتقالية، في حال إجراء الانتخابات في موعدها أو بعد تأجيل تقني بسيط، غير مضمون.
ليس أبي نصر وحده من يصلي في تكتل التغيير والإصلاح، يصلي الى جانبه النواب جيلبرت زوين وميشال الحلو وعصام صوايا وفادي الأعور ونبيل نقولا وسليم سلهب. يصلّون للتمديد، لكن شفيعهم السياسي العماد ميشال عون لا يأخذ كثيراً بصلواتهم. ففي الرابية، لا يزال الإصرار هو نفسه على إجراء الانتخابات في موعدها أو بعد التأجيل التقني بضعة أسابيع، حتى لو وفق قانون الستين. ورغم تفضيل أفرقاء كثر، بينهم أوثق حلفاء الجنرال، التمديد، لا تزال الرابية تتمسك برفضه. وفي حسابات عون، يعطي قانون الستين الساري المفعول التيار الوطني الحر ما لا يعطيه إياه أي قانون انتخابي آخر. فبغضّ النظر عن المزاج الماروني في جزين وبعبدا وجبيل الذي يميل لمصلحة العونيين، يضمن «الصوت الشيعي» فوز التيار بعشرة مقاعد في هذه الدوائر الثلاث (3 في جزين، 4 في بعبدا و 3 في جبيل). ولا يزال التيار، وفقاً لمختلف الإحصاءات، باستثناء تلك التي تصل إلى رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، القوة الأقوى في المتن وكسروان بحيث يستحيل اختراق لائحتيه بأكثر من مقعد في كسروان ومقعدي النائبين ميشال المر وسامي الجميل المتنيين. وعليه، يحافظ تكتل التغيير والإصلاح وفقاً لقانون الستين (حصراً) على عديد مقاعده النيابية، مانعاً القوات اللبنانية من إحداث أي اختراق في جبل لبنان بعيداً عن الهبة الجنبلاطية ممثلة بمقعد النائب جورج عدوان. ويضيف العونيون من أنصار إجراء الانتخابات في موعدها أن ظروف اليوم تسمح لهم بخوض معارك جدية في الكورة ودائرتي بيروت الأولى والثانية لهم حظوظ كبيرة في تحقيق اختراقات مهمة فيها. ويختم هؤلاء مطولاتهم غالباً بالإشارة إلى أن الفوز العونيّ السهل اليوم قد يصعب غداً، بناءً على التطورات الإقليمية وانعكاساتها المحلية.
لوجهة النظر العونية هذه، التي تلقى استحسان الجنرال حتى اليوم، وجهة نظر عونية أخرى تعاكسها. ففي الحسابات الإقليمية، لا شيء يوحي لعونيين آخرين بتدهور أوضاع الحلف الذي انتسب التيار الوطني الحر قبل نحو سبع سنوات إليه. ولا شيء يستدعي الخشية بالتالي من فائض قوة حريرية يتيح لتيار المستقبل فرض القانون الانتخابي الذي يحقق مصلحة فريقه السياسي. أما حفاظ التكتل على عديده الحاليّ بفضل «الستين» فصحيح، وصحيح أيضاً أن حظوظه كبيرة بتحقيقه هو وحلفائه اختراقات في الكورة والأشرفية ودائرة بيروت الثانية. لكن ما ينطبق على التيار، لا ينطبق على حلفائه. فالأكيد أن فريقه السياسي سيخسر مقعد النائب نقولا فتوش في زحلة، وسيكون حفاظ الرئيس نجيب ميقاتي والوزير محمد الصفدي والنائب أحمد كرامي على كراسيهم الطرابلسية أمراً شبه مستحيل، رغم وجود رأي لدى بعض فريق 8 آذار يؤكد أن خوض ميقاتي والصفدي وكرامي والوزير فيصل كرامي الانتخابات في لائحة واحدة سيجعل فوزهم امراً ممكناً إن لم يكن مؤكداً. لكن ترؤس ميقاتي لائحة ضد تيار المستقبل امر مستبعد. وبالتالي، سيخسر فريق 8 آذار حكماً ما يحلم بربحه وأكثر. ففي حال بقاء النتائج على حالها رغم صعوبة ذلك بالنسبة لقوى 8 آذار والتيار الوطني الحر، يكون هذا الفريق قد جدد زعامة الرئيس سعد الحريري السنية مجاناً، وفتح الباب أمام حملة تحريض جديدة ضد حزب الله هو في غنى عنها اليوم ويستفيد جداً من كبوتها، وستبقى الأوضاع الحكومية رهن مشيئة النائب وليد جنبلاط، وستبحث قوى 8 آذار عن مرشح آخر لرئاسة الجمهورية تتوافق وقوى 14 آذار عليه على غرار الرئيس ميشال سليمان. ويخلص هؤلاء إلى أن التمديد أفضل للعونيين من التجديد للمجلس النيابي الحالي بموازين قواه الحالية أربع سنوات أخرى.
يتيح التمديد لقوى 8 آذار أن تحلم، كما تحلم قوى 14 آذار تماماً، بمتغيرات تمكّنها من فرض القانون الانتخابي الذي يناسبها، لتضمن فوزها بأكثرية مقاعد المجلس النيابي بمعزل عن النائب وليد جنبلاط، فتسمي من يناسبها لرئاسة الحكومة وتستفرد بالمقاعد الوزارية ويكون لها النصيب الأكبر من رئيس الجمهورية المقبل.