يقول الإعلامي نور الدين زورقي في مقال نشره في جريدة «الشرق الأوسط» في نهاية العام الماضي: «عندما طلب منّي قسم البرامج في «bbc عربي» السفر إلى سوريا لإنجاز فيلم ضمن سلسلة وثائقيات عن قرب، كان المشهد قد أصبح واضحاً، فقد تحول الحراك السلمي إلى نزاع مسلح دموي». يوضح أنّه بعد أشهر من المفاوضات بين المحطة البريطانية، ووزارة الإعلام السورية، فتحت الأبواب الموصدة في وجه الكثير من وسائل الإعلام لـ«bbc عربي» كي تصوّر فيلماً وثائقياً بعنوان «شاشة الرئيس» يعرض الصعوبات التي يواجهها الإعلاميون الميدانيون في سوريا. التقى زورقي بفريق القناة «الإخبارية السورية»، بدءاً من مديرها عماد سارة، مروراً بالمذيعة يارا صالح التي تعرضت للخطف على أيدي «الجيش الحرّ» في مدينة التل في ريف دمشق، والمصوّر فادي يعقوب الذي أصيب سابقاً بطلق ناري في منطقة الحفة في ريف اللاذقية، والمذيعة ربى الحجلي، مع الإشارة إلى أنّ الإخبارية تعمل بنظام bbc نفسه، أي إنّها تموَّل من الحكومة السورية على أن تملك استقلالية القرار. لكنّ الأحداث جعلتها بوقاً للنظام رغم إمكاناتها المحدودة. ورغم أنّ الفيلم يوصَف ــ بحسب صانعيه ــ بأنه محاولة من «bbc عربي» للوصول إلى إجابة عن سبب تصميم هؤلاء الصحافيين على العمل، وخصوصاً أنّ الكثير من الإعلاميين السوريين هجروا المهنة أو لاذوا بصمتهم بعيداً عما يجري، ومنهم من أعلن «انشقاقه» علانية، إلا أنّ حساب الحقل لم يطابق حساب البيدر، أو لم تأت النتائج على سويّة النيات. شُنَّت حرب شعواء على النسخة العربية من المحطة البريطانية التي كانت الأكثر تريثاً واعتدالاً في تغطية الأزمة السورية، رغم وقوعها في أخطاء عدة. لكنّ صحفاً ومواقع عدة كان لها رأي آخر، بدءاً من «القدس العربي» التي رأت أن القناة الممولة من الضرائب البريطانية تبذل جهوداً للعمل في مصلحة النظام السوري، وتلميع دولة الخطر على الصحافيين كما سمّتها. وذهبت مواقع وصحف خليجية إلى اعتبار أنّ «bbc عربي» تقاضت أموالاً وعقدت صفقة مع نظام الأسد مقابل تنفيذ شريط «شاشة الرئيس». ثم تحولت تغطيتها لمصلحته، ليكون موقع «كلنا شركاء في الوطن» صاحب اليد الطولى في الهجوم المفصل؛ إذ نقل تفاصيل إبرام صفقة بين أحد موظفي المحطة (قريب من النائب اللبناني السابق وئام وهاب) وجهاز استخبارات سوري لإطلاق سراح صحافيَّين من فريق «bbc عربي» اعتقلا لدى النظام، مقابل أن تتحول المحطة إلى قناة «الدنيا» الثانية. وقد تمت الصفقة بعد تعيين محمد بلوط مسؤولاً جديداً عن الملف السوري لدى القناة. أما المشاهد فما عليه سوى تخيّل قدرة النظام السوري على شراء محطات بحجم bbc.