في مكتبه في الضاحية الجنوبية لبيروت، يمضي المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، الحاج حسين الخليل، وقته في متابعة ملفات لم تكن يوماً سهلة على الرجل الهادئ... معروف عنه أنه قليل الكلام ويتمتّع بـ»نعمة» الإنصات لمحدثيه، مهما كانت صفتهم، ويصعب استفزازه.
مرتاحاً يبدو الحاج للمرحلة الجديدة التي سيدشنها حزب الله مع تيار المستقبل، برعاية مباشرة من الرئيس نبيه بري. بين يديه هاتف خلوي قديم الطراز، رن كثيراً في الآونة الأخيرة السابقة لتحديد موعد جلسة الحوار الأولى في عين التينة، عند السادسة من مساء اليوم. فقد كان المسعى أن تعقد هذه الجلسة يومي السبت أو الأحد الفائتين، لكنها تعثرت لارتباطات مسبقة للبعض.

يستهل المعاون السياسي للسيد كلامه بتأكيد أن حزب الله لم يغيّر مواقفه منذ أكثر من ثلاث سنوات. فسياسة اليد الممدودة للشريك في الوطن، والدعوة إلى انتهاج الحوار مسلكاً لمعالجة قضايا البلد، ورفض القطيعة، كلها عناوين كنا كحزب نصرح بها علناً ونعمل بموجبها مع من قرر الاستجابة.
ويتابع الحاج: نذهب الى الحوار ونحن راضون، وليس لدينا ما نخجل به على مستوى مواقفنا وثوابتنا، ومستعدون للحوار إما لتقريب وجهات النظر والوصول الى أرضية مشتركة، وإما الى تنظيم الاختلافات على الأقل، والعلاقة مع الحزب التقدمي الاشتراكي خير نموذج.
جنبلاط: قمت
بما عليّ وما يهمّني هو انطلاق الحوار

يكشف الخليل أن جدول الأعمال الذي تم التوافق عليه يتألف من أربع نقاط هي: تخفيف الاحتقان المذهبي والخطاب السياسي والإعلامي المتشنج، مكافحة الإرهاب، تفعيل عمل المؤسسات من حكومة ومجلس نيابي وكل مما من شأنه تيسير شؤون الناس ورئاسة الجمهورية.
بالحديث عن النقطة الأخيرة، يؤكد الحاج أنها الملف الأسهل على جدول الأعمال من وجهة نظر حزب الله، فنحن مرشحنا العماد عون ومتمسكون به، ومن لديه أي رأي آخر فليذهب ويتكلم به مع الجنرال.
ومعلوم أن الزيارة التي قام بها وفد حزب الله للرابية منذ مدة برئاسة الخليل، لم تكن وحسب لشكر الجنرال على كلامه عن التحالف العضوي مع المقاومة، (الوفد نقل شكر أعضاء شورى حزب الله مجتمعين)، بل إن الزيارة كانت للتأكيد على موقف الحزب من ترشح العماد عون للرئاسة على أعتاب حوار مرتقب مع المستقبل.
وبالعودة الى أولى الجلسات الحوارية، والتي علمت «الأخبار» أن المستقبل أبدى تحفظاً بشأن مواكبتها إعلامياً، وطلب الاكتفاء بإصدار بيان حول اللقاء، أكد الحاج حسين الخليل أن حزب الله متفائل ومنفتح حتى على أي زيادة مستقبلاً في جدول الأعمال، شرط التوافق عليها. وبالنسبة للمكان، فلا إشكال لدى الحزب في أن تكون أي قاعة من قاعات عين التينة هي المكان لاستكمال هذه الجلسات، على أن يتم تحديد أطرها وبرنامج عملها بالاتفاق، ويتابع: في الجلسة الأولى سيتضح كل شيء، وكلمة الرئيس بري ستساعد في تهدئة الاجواء، «في لبنان ما حدا فيه يسنكف (يقاطع) حدا ولا مفر من الجلوس والتحاور وهذا ما حصل في النهاية».
وعن توقعاته من الحوار، يرى المعاون السياسي لنصر الله، أن الانعكاسات الأولى ستكون تبريداً للخطاب السياسي والإعلامي، والترجمة العملية قد تكون سهلة ويسيرة على خط تفعيل عمل الحكومة وتسهيل عمل مجلس النواب في العام المقبل. أما القضايا الأخرى فستأخذ وقتاً ربما. ويرى أن الوفد الموسع المشارك في الحوار (3 أعضاء في كل واحد من الوفدين) كان قرار المستقبل، وهذا، بناءً على خبرة الخليل قد لا يساعد أحياناً، ولا سيما إذا دخل عنصر المزايدة. لكن ما قد يبدد هذا العامل هو شخصية النائب سمير الجسر، وأداء الوزير نهاد المشنوق الى حد ما، فهو يوحي بأن لديه هامشاً وطريقة خاصة في العمل السياسي. (المشنوق طلب منذ تشكيل الحكومة التواصل مع الخليل، لكن قناة الاتصال بحزب الله بقيت محصورة في الإطار الأمني، أي مع مسؤول وحدة التنسيق والارتباط في الحزب الحاج وفيق صفا).
من جهة أخرى، بات واضحاً، بعدما كشفت أسماء وفدي حزب الله وتيار المستقبل، أن الحزب الاشتراكي سيكون بعيداً عن هذه الجلسات، مع أنه قدّم مساعدة في بداية المسار التقريبي بين الفريقين، لكن هذا «الاستبعاد الاختياري» لا يزعج النائب وليد جنبلاط الذي سبق أن أكد لـ»الأخبار» أنه قام بما عليه وما يهمه هو انطلاق الحوار.