شيئاً فشيئاً، تقترب الساعة الصفر لدخول المشهد السوري منعطفاً جديداً، عنوانه العريض «الحرب على الإرهاب». ملامح التحالف العالمي آخذةٌ في التشكل. قادة حلف «الناتو» يعلنون اتفاقهم على «ضرورة القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية». أعداء «داعش» في الداخل السوري يسنّون أسنانهم للانقضاض على التنظيم المتطرف، وفي جعبة بعضهم وعودٌ قاطعةٌ تضمن مكانه في التحالف.
اللافت، أن «رُعاة الحدث» الدوليين نجحوا في ربط الإرهاب داخل الأراضي السورية بـ«الدولة الإسلامية» دون سواه. اللافت أكثر أن مصادر في «الجبهة الإسلامية» تتحدث عن أدوار مرتقبة لها في محاربة «الدولة». مصدر من داخل «لواء صقور الشام» أكّد لـ «الأخبار» أنّ «الجبهة (الإسلامية) لن تكون خارج الحدث». المصدر رأى أن «الجبهة كانت أسبق من الجميع في محاربة غلاة داعش». وأعاد التذكير بـ«المعارك التي خاضتها ضدّ داعش، والتي كانت كفيلةً - لو توافر لها الدعم المناسب – في وضع حد لغلاة داعش قبل استفحال أمرهم». المصدر شدّد على أن «أحداً لا يستطيع محاربة داعش على الأرض من دون الاستعانة بالجبهة». ورأى أنّ «التصريحات الصادرة عن الدول التي تزعم أنها ترغب في اجتثاث داعش لا تخرج عمّا جاء في ميثاق الشرف الثوري الذي وقّعته الجبهة وعدد من أبرز الفصائل («الأخبار»، العدد 2297)».
أحد لا يستطيع
محاربة «داعش» من دون الاستعانة بـ«الإسلامية»
ويشير المصدر على وجه الخصوص إلى بند في «الميثاق» ينص على «الترحيب باللقاء والتعاون مع الأطراف الإقليمية والدولية المتضامنة مع محنة الشعب السوري، بما يخدم مصالح الثورة».
وتشير معلومات حصلت عليها «الأخبار» إلى وجود دور مرسوم خارجياً لـ«الجبهة» وأقرانها في الحرب المرتقبة. وفي المعلومات أن عدداً من قادة «الإسلامية» عقدوا أخيراً لقاءات مكثفة مع ممثلين عن دول إقليمية وغربية، داخل الأراضي التركية. وجرى التوافق على خطط مركّبة لتحركات مسلحي «الجبهة» قبل، وبعد الساعة الصفر للحرب على «الدولة». ووفقاً للمعلومات، تبدو التحركات الأخيرة لـ«الجبهة» في اتجاه دمشق جزءاً من المخطط الذي يُحتم على «الإسلامية» أن تكون قادرةً على تعزيز موقفها في محيط العاصمة قبل دق ناقوس «الحرب على داعش». ما يبدو مُمهداً لتحرك لاحق، ربما ينشد استغلال الظرف الذي ستخلقه تلك الحرب للانقضاض على أهداف محددة في عمق دمشق، سعياً إلى خلق معادلة جديدة. وتربط المعلومات بين التحركات في محيط العاصمة، وتلك التي تسارعت على تخوم الجولان السوري المحتل، والشريط الحدودي. ووفقاً لهذه المؤشرات، يبدو إدراج التطورات الأخيرة على جبهة القنيطرة في هذا السياق أمراً منطقياً، وخاصةً أنّ بعض المصادر الإعلامية المقربة من المجموعات المسلحة راحت تتداول في اليومين الأخيرين حديثاً عن خطط لـ«ما بعد تحرير القنيطرة ودرعا»، تشتمل على «فتح ممر إلى الغوطة، ثم قلب الموازين في القلمون، تمهيداً لتصبح العاصمة دمشق بين فكي كماشة». وإذا صحّت المعلومات، فسيكونُ من البديهي ربطها بدور محتمل قد تؤديه الأراضي الأردنية لدعم تحركات مماثلة باتجاه درعا، كما باتَ معلوماً أن سلطات الاحتلال لم تتوانَ عن تقديم الدعم إلى المسلحين، أقله اللوجيستي.
معلومات «الأخبار» تلحظ أيضاً «دوراً غير معلن لجبهة النصرة، بدأ منذ هروب قادتها من ريف دير الزور، ما عجّل سقوط المحافظة في قبضة الدولة الإسلامية، ومهّد لاحقاً للبدء بتحرك دولي يستهدف التنظيم. ويسعى في الوقت نفسه إلى استغلال المُعطى لإحداث تغيير جذري في مشهد الصراع بين الجيش السوري وحلفائه من جهة، والمجموعات المسلحة من جهة أخرى».
في الشمال، يبدو المشهدُ مختلفاً، حيث تلحظ المعلومات دوراً أساسياً لكلٍّ من «جبهة ثوار سوريا»، و«حركة حزم». وهو دور يبدو أنه سيكونُ مُعلناً، بوصف الجهتين «ممثلتين للمعارضة المسلحة المعتدلة»، وفقاً لما يجري الترويج له منذ إنشائهما. وسيكون على الجهتين الاضطلاعُ بمهمة المواجهات البرية ضدّ مسلحي «الدولة» ثم ملء الفراغ الذي سيحدثه انسحابهم – في حال حدوثه -.
مصدر سوري معارض يرى في المعلومات المذكورة «ضرباً من المبالغة». رأيٌ يعلله المصدر المستقل بأنه «لا مصلحة فعلية للولايات المتحدة وحلفائها في التأسيس لوضعٍ حاسم داخل الأراضي السورية على المدى المنظور». المصدر توقع أن «تكتفي القوى الدولية باستغلال الحرب المعلنة ضد داعش لتعقيد المشهد أكثر. مع السعي لمنح بعض المجموعات المسلحة أفضلية على الأرض قد تُمكنها في مراحل لاحقة – لكنها بعيدة – من الظهور في مظهر الند العسكري والسياسي للنظام، الذي لا يُمكن استبعاده من المعادلة بسهولة». تأسيساً على هذا الرأي، يؤكد المصدر أن «ما نشهده في الفترة الراهنة هو مرحلة عض أصابع بين القوى الغربية، والنظام وحلفائه، قبل الانعطاف نحو مرحلة جديدة من الأزمة، تُعقدها، وتبقيها مفتوحة على جميع الاحتمالات».