عمان | مع تسارع الخطوات الدولية للحرب المزمعة على تنظيم «الدولة الإسلامية» ووضع اللمسات الأخيرة على دور الأطراف في هذه الحرب، وخاصة دول جوار سوريا والعراق، ودورهم الأساسي لوجستياً واستخبارياً على اعتبار الموقع الجغرافي، يبرز السؤال عن ماهية الدور الذي سيلعبه الأردن في الحرب المزمعة، وخاصة مع رفض عمان الكشف عن ماهية المباحثات التي أجراها الملك عبدالله الثاني على هامش مشاركته في قمة دول الحلف الأطلسي، الأسبوع الماضي، والتي أعلن في سياقها إنشاء التحالف الدولي لمحاربة «الدولة».
عمان، رغم تأييدها للحرب المزمعة، لم تحسم ماهية دورها بعد في التحالف.
وعلى الرغم من تقديم عمان خطة عسكرية لضرب «الدولة» خلال مشاركة الملك في قمة «الأطلسي»، بحسب ما كشف مصدر عسكري لـ«الأخبار»، إلا أن التصريحات الحكومية جاءت متباينة في طبيعتها عما سبق. فرئيس الوزراء عبدالله النسور قال في تصريحات صحافية إن بلاده ليست عضواً في التحالف الدولي، مؤكداً أن الأردن «لا يخوض حروباً نيابة عن أحد».
وبعد يومين فقط، اختلف حديث الناطق باسم الحكومة، محمد المومني، عن رئيسه، حيث أكد في حديث أول من أمس، أن تنظيم «الدولة» يستهدف الأردن بموجوداته ومقدراته وسكانه، وأن بلاده تعمل على تحصين نفسها من منظومة الإرهاب داخلياً وخارجياً، وتقوم بالتنسيق والتواصل الدائم والمستمر مع الدول الشقيقة والصديقة لمواجهة الإرهاب، وسيتم إعلان ذلك في الوقت المحدد.
التصريحات الرسمية المتناقضة، كشفت حالة التخبط التي تعيشها دوائر القرار في عمان، وخاصة بعد تعرض الحكومة لضغوط خارجية من دول التحالف وأهمها أميركا، وضغوط داخلية أبرزها مذكرة نيابية للبرلمان الأردني لـ 21 نائباً تطالب الحكومة بعدم التدخل في أي حرب ضد «الدولة» ورفض أي حلف هدفه محاربة التنظيم، على اعتبار أن «الحرب ليست حرب الأردن» وعدم التنسيق مع أي طرف بهذا الخصوص.
النائب جميل النمري هاجم المذكرة، وهو كان قد طالب الحكومة بدخول التحالف. وشدد النمري في حديث إلى «الأخبار» على أن «الدولة الإسلامية ليست تنظيماً قُطرياً في إحدى الدول العربية حتى لا يعنينا شأنه، بل هي قوة مسلحة إقليمية، هدفها المنطقة برمتها. والتنظيم لا يخفي ذلك، بل يعلنه وينشر خرائط تشمل العالم العربي وأجزاء من آسيا وأفريقيا، وحتى الأندلس. وهو لديه بالفعل أنصار في الأردن، لكن هذا يضاعف الخطر وواجب التصدي له».
وأضاف النمري إن تنظيم «الدولة» لا يخفي أنه يستهدف الأردن، واستدل على ذلك بما يقوم به التنظيم من إطلاق التهديدات للمملكة، وقيامه مبدئياً بعمليات جس نبض باختراقات عبر الحدود، وإرسال متسللين يتم ضربهم أو القبض عليهم.
ولفت إلى أن «الدولة» إذا ثبّت أقدامه وقويت شوكته، فإن هدفه المقبل هو الأردن بلا مراء، موضحاً أنه «لا يختلف محللان على أن الخطر على الأردن مرتبط بمستقبل المعركة مع التنظيم على أرض سوريا والعراق؛ فإن تم دحر التنظيم هناك، سنكون بأمان، وسوف يختفي التعاطف مع التنظيم وتنحسر أي امتدادات محتملة هنا، والعكس صحيح؛ أي أن المعركة لاستئصال «الدولة» هي معركة الجميع. وهي بالطبع معركتنا قبل الغرب والولايات المتحدة».
وبين من يؤيد انضمام الأردن للتحالف والمشاركة فيه، وبين من يعارض ذلك، حذر خبراء الجماعات الإسلامية من دخول عمان في التحالف الدولي المزمع، معتبرين أن الخيار الأفضل البقاء لمسافة بعيداً عن أي تحالفات قد تؤدي إلى تأجيج التوتر بين «الدولة الإسلامية» والأردن ، وخاصة في ظل وجود جماعات أردنية تؤيد «الدولة».
وزير الإعلام، محمد المومني، كشف لـ«الأخبار» عن «جهود رسمية لمواجهة خروج «الدولة» من الداخل الأردني». وأكد المومني وجود متعاطفين مع التنظيم داخل المملكة، مشدداً على الحاجة إلى «جهد وطني شامل من كل قطاعات المجتمع الرسمية وغير الرسمية لمواجهة الفكر المتطرف».
من جانبها، كشفت بعض المصادر المطلعة لـ«الأخبار» أن الأردن سوف يكون له دور بحكم الجغرافيا وتبنيه أجندة مكافحة الإرهاب، بالإضافة إلى تجربته الطويلة في هذا المجال، ولكن دوره سيكون استراتيجياً، فعمان سوف تدعم التحالف «استخبارياً» و«لوجستياً»، وخاصة أن العديد من القادة في «الدولة» خرجوا عبر المملكة.
ولفتت المصادر الى أن «عمان ستقف في المنتصف أو على الحياد، كما وقفت في الأزمة السورية والعراقية، لكي لا تتحمل أعباء هي بعيدة عنها، وفي حال تعرضها لأي اعتداء سيكون لها دور عسكري معلن».