طاولات مقهى «الروضة» البيروتي تتحول بعد ظهيرة كل يوم إلى مكتب لمثقفين وفنانين لبنانيين حيث تدور النقاشات والحوارات. في اليومين الماضيين، خيّم الهم السوري على أحاديث بعض تلك الطاولات مع الأخبار الواردة عن اعتداءات متلاحقة على سوريين أبرياء لجأوا إلى جارهم هرباً من نيران الحرب. النجم اللبناني رفيق علي أحمد الذي يعدّ من رواد «الروضة» الدائمين، يعلّق لـ «الأخبار» على الحوادث الأخيرة قائلاً: «ليست هذه المرة الأولى التي تتعرض فيها المنطقة للطامعين بثرواتها.
لطالما كانت بالنسبة إليهم «أرض اللبن والعسل» ثم أرض الطاقة والنفط، لكن الحرب عليها وعلى شعوبها هذه المرة من أشرس الحروب. ربما هي حرب عالمية غير معلنة، والخطر الأكبر أن تدمَّر هذه الأرض نفسها من دون إراقة قطرة دم من جيوش هؤلاء الطامعين». ويشرح المسرحي اللبناني: «ما يحصل من معاناة وتدمير لبنى تحتية واجتماعية، ما هو إلا نتيجة هذه الهجمة، وما يحصل مع إخوتنا السوريين هنا وهناك ليس مصادفة. هو ضمن مخطط يرمي إلى إرساء انقسام قبلي وطائفي حتى داخل البلد الواحد. وهذا لم يصب الإخوة السوريين فقط بل أصاب اللبنانيين أنفسهم أيضا، ونأمل ألا يتفاقم».

مخطط لانقسام
قبلي داخل البلد الواحد (رفيق علي أحمد)

ويعرب المسرحي اللبناني عن «أسفه وقلقه من غياب التنسيق ومتابعة أحوال النازحين من قبل الدولة والهيئات الانسانية الدولية. بات من واجب المجتمع المدني والمؤسسات الأهلية والواعين والمتنورين الذين لم يمسّهم بعد حقد الظلامية والجهل أن يضافروا جهودهم من أجل توعية الجميع سوريين ولبنانيين وكل المقيمين على هذه الأرض لضبط الأمور. وغير ذلك، سنكون نحن أكبر المساهمين في تحقيق أهداف هؤلاء الذين يريدون شراً في شجر هذا البلاد وحجرها».
من جانبها، تقول الممثلة اللبنانية رولا حمادة لـ «الأخبار»: «لن أخوض في أي حديث سياسي. دعونا نتحدث من منطق إنساني. نحن نعرف الكثير عن بعضنا بعضا ولن أبالغ لو قلت إنّ أي بيت لبناني يحوي سورياً والعكس صحيح. لا يعد ذلك كلاماً في الهواء لأن البلدين متداخلان جغرافياً وتاريخياً ومصيرهما مشترك في كثير من القضايا». وتضيف: «لنحك فقط على المستوى الإنساني، لا يجوز أن نصب جام غضبنا على أبرياء بهذا الشكل لأن الشعب العربي شعب مظلوم والمظلوم لا يظلم غيره. نحن طرف واحد ليس كأمة، بل كإنسان». أما الممثل اللبناني حسان مراد، فيستغرب ما يحصل انطلاقاً من مشاهداته اليومية لمعاناة عائلات سورية في الشوارع البيروتية ويقول: «أنا ضد ما يحدث جملة وتفصيلاً. ومن البديهي أن يكون الفنان ضد كل عنف في هذا العالم، ومن المحزن فعلاً أن تصل بنا الأمور إلى استهداف أشخاص بسطاء هربوا من بلادهم مجبرين ولم يقصدوا جهة محددة، بل توجهوا إلى اللامكان بحثاً عن فسحة ضئيلة من الأمان». ويسأل نجم «شتي يا دنيا»: «ما ذنب هؤلاء السوريين الأبرياء؟ صحيح أن لبنان لحقه إرهاب بسبب الأزمة السورية، لكن ليس لهؤلاء الفقراء الذين يُضربون اليوم على قارعة الطرقات أي يد في كل ما يحدث في سوريا. وأحب أن أذكّر الكل أنني ابن الجنوب اللبناني الذي نزحت نسبة كبيرة من أهله إلى سوريا في عدوان تموز 2006 وعادوا بعد النصر بروايات عن كرم وشهامة وضيافة السوريين، فهل هكذا نرد الجميل اليوم؟».