استبق وفد من الخارجية البريطانية بدء أعمال مؤتمر لـ«دعم سوريا والجوار» الذي انعقد في لندن، أمس، بزيارة إلى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في 16 كانون الثاني الماضي. وأثناء الحديث عن المؤتمر الذي يفترض أن يقوم بمساعدة «المجتمعات المضيفة» على تحمّل الأعباء التي خلّفها النزوح السوري، خصوصاً لبنان والأردن، طالب الوفد حاكم المصرف المركزي بإصدار تعميمين يتعلّقان بتسهيلات مالية مرتبطة بالسوريين الموجودين على الأراضي اللبنانية. التعميم الأول لتشجيع الشركات على توظيف العمّال السوريين عبر منح تسهيلات مالية للمؤسسات التي توظّفهم، والثاني لتقديم تسهيلات مالية لرجال الأعمال السوريين الذين يريدون إقامة مشاريع اقتصادية في لبنان. وبحسب مصادر مقرّبة من الحاكم، فإن جواب سلامة كان سلبيّاً، ووصل الأمر إلى حدّ إلغاء مشاركته في أعمال مؤتمر لندن. وأكّدت المصادر لـ«الأخبار» أن سلامة «رفض الطلب البريطاني وأكّد أن لا شيء يلزمه بإصدار تعاميم كهذه»، قائلاً للوفد: «تطلبون منّي أن أحوّل أموال اللبنانيين إلى رجال الأعمال السوريين من دون ضمانات أو أصول في المقابل، وهذا قد يخلق مخاطر مصرفية كبيرة، وكأنكم تطلبون منّا أن نطلق النار على رؤوسنا». وأضاف سلامة، بحسب المصادر، في حديثه إلى البريطانيين، إن «ما تطلبونه هو بمثابة توطين مقنّع. وإذا كان اللبنانيون يرفضون توطين الفلسطينيين، فمن الطبيعي أن يرفضوا توطين أضعافهم من السوريين لاعتبارات ديموغرافية، وهذا الأمر قد يخلق حرباً أهلية في البلد... وأوروبا قدّمت لتركيا في تشرين الثاني 3 مليارات دولار وهي دولة قويّة ولديها أقل مما لدينا من النازحين السوريين، ونحن لدينا 1.7 مليون نازح. وعليكم بدل أن تطلبوا منا هذا التعميم أن تقدموا لنا ما لا يقل عن 10 مليارات دولار».
البريطانيون طلبوا تسهيلات مصرفية للمؤسسات التي توظّف سوريين
وفي لندن، أعلن رئيس الحكومة البريطاني أن المؤتمرين في مؤتمر "دعم سوريا والجوار" تعهدوا بتقديم نحو 11 مليار دولار لدعم النازحين السوريين. وأكثر هذه التعهدات أتى من الدول الغربية، وعلى رأسها بريطانيا والنروج وألمانيا (نحو 2.5 مليار دولار لكل منها) والولايات المتحدة (أقل من 900 مليون دولار). وحلّت الدول الخليجية في أسفل قائمة المتعهدين، مع 200 مليون دولار تعهّدت السعودية بتقديمها، و137 مليون دولار من الإمارات العربية المتحدة! ومن المتوقع أن تُنفق الاموال، في حال تحصيلها، على دفعتين: الاولى في العام الجاري (وتبلغ نحو 6 مليارات دولار)، والباقي (نحو 5 مليارات دولار) سيُنفق في السنوات الممتدة إلى عام 2020. وستكون الاموال مخصصة لتحقيق هدفين رئيسيين، مساعدة النازحين بصورة مباشرة، و"تأمين اندماجهم في الدول المحيطة بسوريا"، من خلال دعم تعليمهم وطبابتهم وتأمين فرص عمل لهم. وتهدف الدول الأوروبية من خلال هذه المساعدات إلى تخفيف عدد طالبي اللجوء إليها، عبر دفعهم إلى البقاء حيث هم، وخاصة في لبنان وتركيا والاردن. وتثير التوجهات الأوروبية مخاوف لدى بعض القوى اللبنانية، التي ترى أن الدول الغربية لا تهتم لعودة النازحين السوريين إلى ديارهم، بل إن جلّ ما يعنيها هو بقاؤهم بعيداً عن أراضيها. وكان وزير الخارجية جبران باسيل قد حذّر من التساهل «في تمرير أي عبارات (ضمن مقررات مؤتمر لندن) بذريعة القوانين الدولية قد تحمل في طياتها تشجيعاً على بقاء مستدام للنازحين في لبنان»، بما يؤدي إلى توطينهم في لبنان.
وعبّر رئيس الحكومة تمام سلام في ختام المؤتمر عن الرضى عن "النتائج والتعهد بما يقارب 11 مليار دولار. لذلك نشدد على أهمية هذا التعهد وتسهيله، مع تأمين الآليات الضرورية لإتاحة تقديم المبالغ ودفعها وإرسال كل هذه الاموال والهبات الى الدول المحتاجة، وتلبية كلفة العمل الذي يتم تنفيذه، أكان في التربية أم التعليم أم فرص العمل والفرص الاقتصادية لسد احتياجات أوجه هذه الازمة ككل". وشدد على أهمية التوصل الى حل سياسي للأزمة السورية.
من جهة أخرى، أعلنت السلطات التشيكية إطلاق المواطن اللبناني علي فياض الموقوف في براغ بناءً على طلب الولايات المتحدة منذ عام 2014. وأطلق فياض بموجب اتفاق أتاح الافراج عن خمسة تشيكيين مخطوفين في لبنان منذ تموز 2015، وصلوا إلى براغ أمس على متن طائرة عسكرية أقلّتهم من بيروت. وكان فياض الذي يحمل أيضاً الجنسية الاوكرانية، أوقف بناءً على طلب من واشنطن التي اتهمته بـ"التآمر ضد الولايات المتحدة" وطالبت بتسلّمه، بعدما لفّقت له تهمة محاولة تزويد منظمة "فارك" الكولومبية بالسلاح الأوكراني. وأثار إطلاق سراحه ردّ فعل غاضباً من السفارة الاميركية في براغ، التي أعلنت عن "صدمتها" إزاء ذلك، معتبرة أن قرار الوزير التشيكي "سيشجّع الإرهابيين والمجرمين". وأعلنت متحدثة قضائية تشيكية لوكالة "فرانس برس" أن "وزير العدل روبرت بليكان اتخذ اليوم (أمس) قراراً بعدم السماح بترحيل فياض الى الولايات المتحدة، وبناءً عليه تم إطلاق سراحه على الفور". وأكّد رئيس الوزراء التشيكي بوهوسلاف سوبوتكا أن وزير العدل "تصرف وفقاً للقانون التشيكي. يجب أن يحترم شركاؤنا (في إشارة إلى السلطات الأميركية) ذلك".