ليل أول من أمس، تلقت عائلة العسكري ابراهيم شعبان اتصالاً من أحد أعضاء هيئة العلماء المسلمين، أبلغها بورود أخبار مطمئنة عن ولدها. بعدها، تلقى الوالد مصطفى اتصالاً من قيادة الجيش كررت فيه كلام عضو الهيئة. بعد ساعة، رن الهاتف من جديد. وقال أحد مشايخ الهيئة لشعبان «إبنك صار بعرسال».
وما هي إلا لحظات حتى اتصل ابراهيم بأهله من منزل الشيخ مصطفى الحجيري (أبو طاقية)، حيث أوصلته مجموعة تابعة لـ«جبهة النصرة، مع رفاقه الأربعة المفرج عنهم (صالح البرادعي، محمد القادري، وائل درويش وأحمد غية). يقول والده: «ما صدقت الخبر. ما طلع من تمي حكي لما سمعت صوتو. رجفت كلني سوا وانربط لساني». ومع شيوع الخبر في بلدة مشحا، غص منزل العائلة بالمهنئين. وفي منزل آل غية، حدث الأمر نفسه. قيادة الجيش اتصلت بذوي أحمد وأبلغتهم باحتمال أن يفرج عنه قريباً. وبعد ساعات، أُبلغت العائلة بأن ابنها بات بين أيدٍ أمينة في عرسال. والد أحمد عند سماعه هذه الكلمات أغمي عليه. في تمام السابعة من صباح أمس، انطلقت أربع سيارات من البلدتين تحمل أفراداً من العائلتين نحو عرسال لتسلّم العسكريين. سهّل عناصر الجيش وصول السيارات إلى منزل رئيس بلدية عرسال، علي الحجيري، الذي تكفل بإيصالهم إلى منزل «أبو طاقية»، حيث كان العسكريون الخمسة. وبحسب أحد من كانوا في عداد الوفد، رحب «أبو طاقية» بضيوفه، وزودهم برسائل سياسية واضحة، علّهم ينقلونها لأهالي بقية الأسرى. فشدد على أن «عناصر تنظيمي «جبهة النصرة» و«داعش» لا خلاف لديهم مع الدولة اللبنانية، أو جيشها. ولا حتى مع أي طائفة من طوائفها. إنما مشكلتهم هي مع فصيل لبناني واحد اسمه حزب الله. وكل من سيكون إلى جانب هذا الفصيل، سيكون مستهدفاً من قبل الثوار». وأضاف إن «الثوار (أي «جبهة النصرة») كانوا ينوون إطلاق سراح ثمانية عسكريين من دون أي مقابل، هم إلى الخمسة عسكريان مسيحيان، وثالث درزي. إلا أن إحراق راية «لا إله إلا الله» في الأشرفية، ودفاع بعض نواب التيار الوطني الحر عن هذا العمل المهين، حال دون ذلك». إلا أن أعضاء الوفد طلبوا من «أبو طاقية» السعي لدى المجموعات المسلحة للإفراج عن العسكري جورج خوري. «لأن عكار لا يمكنها أن تفرح من دون إطلاق سراح كل جنودها. فأجرى بعض الاتصالات، لكن الرد من الجهات الخاطفة كان سلبياً».
قبل وصول العسكريين إلى بلدتيهما، توقف الوفد في خيمة الاعتصام التي نصبها ذوو العسكريين المخطوفين في محلة المحمرة في المنية. وقد بدا الإرهاق واضحاً على الشابين العائدين من الخطف بعد 26 يوماً. وفي قريتهما، استقبلا استقبالاً مهيباً. فنحرت الخراف ونثر الأرز وقرعت الطبول وأطلقت الأعيرة النارية ابتهاجاً. ومع دخولهما منزليهما، انهالت الأسئلة عليهما، فرد أحمد ممازحاً بأن «قيادة الجيش نبهتنا ما نحكي شي قدام حدا». إلا أن صديقاً مشتركاً للشابين أكد لـ«الأخبار» أنهما «قالا الشيء نفسه». وأشار إلى أن «أنهما تعبا كثيراً في الفترة الأولى لاحتجازهما. إذ وضع المخطوفون في مغارة، رجّحا أن تكون في الأراضي السورية، بعدما مشوا بهم مسافة بعيدة جداً في السيارة. وقد تعرضت المغارة لغارات مباشرة ومكثفة من الطائرات الحربية السورية». وأضاف «بعد 14 يوماً، نُقِل الشابان مع رفاقهما إلى مكان آخر أشبه بمنزل صغير. وبعد أسبوعين، بدّل الخاطفون مكانهم، ووضعوهم في غرفة مظلمة لم يميزا إن كانت مغارةً أو بيتاً». وبحسب الراوي، أكد العسكريان أن «الخاطفين عاملوهما معاملة جيدة. لم يؤذوا أحداً، بل عمدوا إلى تأمين الطعام والشراب كما يجب».
وكانت عائلات الأسرى المحتجزين قد قطعت الطريق في محلة المحمرة في المنية صباح السبت. ونصب الأهالي خيمة كبيرة في المكان. كذلك قطع عدد منهم الطريق العام في محلة القلمون بالاتجاهين. وهدّد بعضهم بقطع طريق شكا كخطوة تصعيدية في سبيل تحرير المخطوفين.