منذ أكثر من عام، بدأ الوزير السابق محمد شقير العمل على واحد من أحلامه الكبيرة التي صار تحقيقها ممكناً بعدما ترك الرئيس سعد الحريري الساحة السنيّة فارغة. في شباط الماضي، كان مفترضاً أن يقصّ صاحب محلات «باتشي» شريط إطلاق تجمّع «كلّنا لبيروت». أنجز كلّ التفاصيل وطبع بطاقات الدعوة، قبل أن يستجيب لنصائح بالإرجاء لأن وجود الرئيس سعد الحريري في بيروت لإحياء ذكرى والده سيخطف منه الأضواء. ألغى الموعد، وكرّس الأشهر الماضية، منذ شباط، لتفعيل لقاءاته واجتماعاته مع وجوه بيروتيّة بارزة «تفتّح» تيار المستقبل على يديها بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وعملت كتفاً على كتف الحريري الابن لاستنهاض الأرض.
(هيثم الموسوي)

بقي شقير «يدفش» الموعد في انتظار لحظة سانحة و«لفتة» سعودية، خصوصاً بعد ما نُقل إليه أن هناك تشجيعاً سعودياً عبّر عنه السفير وليد البخاري، قبل أن تصله نصائحٍ بالتريّث من البخاري نفسه. فهو، كغيره، يُعوّل كثيراً على المملكة له، و«stand by» يمتلك خبرة سياسية وباعاً في العمل الاقتصادي وصارت له حيثيّة شعبيّة، ما يؤهّله - إذا ما جرى التطرق إلى الأسماء المرشحة لرئاسة حكومة العهد الجديد - لدخول «النادي». وهو، لذلك، مثابر على التواصل مع سفارات عربيّة، خصوصاً مصر والإمارات العربيّة المتحدة، ويبقي على تواصل مع السفارة السعودية عبر علاقة وثيقة تربطه مع القائم بالأعمال مروان الصالح. وللأخير تأثير على شخصيّات سياسيّة ودينيّة للانضواء في التجمّع، علماً أن متابعين يؤكدون أنّ الأمر نابع من اجتهادات المسؤولين السعوديين في لبنان، لا من توجيهاتٍ آتية من الرياض التي تكرّر أن «لا وكيل سياسياً في لبنان».

من هم أعضاء «التجمّع»؟
السبت المقبل، يفترض أن تُعلن أسماء أعضاء «كلنا لبيروت» الذي سيكون الرئيس السابق لـ«اتحاد جمعيات العائلات البيروتيّة» محمّد خالد سنو نائب رئيسه، والأمين العام لاتحاد المصارف العربية وسام حسن فتوح أمينه العام، ويضمّ كلاً من: النائبة السابقة رلى الطبش، رئيس بلدية بيروت جمال عيتاني، عضو المجلس البلدي عبدالله درويش، الشيخ خلدون عريمط، منسّق تيار المستقبل في بيروت سامر سوبرة، الأمين العام السابق للاتحاد العمالي العام سعد الدين حميدي صقر، قائد شرطة بيروت السابق العميد نبيل مرعي ونقيب الصيادلة السابق ربيع حسونة.
وإلى عدد من كوادر «التيّار الأزرق» الذين التحقوا بشقير، «علّق» الرجل آخرين ممّن ترشّحوا على لوائح مختلفة في الانتخابات النيابية الأخيرة كالمحامين زينة المصري (على لائحة الرئيس فؤاد السنيورة)، مروان سلام (على لائحة النائب نبيل بدر)، وسعد الدين الخطيب (على لائحة الحزب التقدمي الاشتراكي والقوات اللبنانية في الشوف).
ورغم تجاوب بيروتي «جيد» مع إعلان التجمّع، إلا أن البعض لم يخف انزعاجه من وجود الوزير السابق محمّد رحال، من البقاع الغربي، بين المؤسسين لتجمّع بيروتي، خصوصاً أنّ تجربة الأخير في وزارة البيئة «لم تكن موفّقة ويشوبها كثير من علامات الاستفهام». في المقابل، يلفت مقرّبون من شقير إلى أنّ الأخير يسعى إلى أن يكون التجمّع «عابراً للمناطق»، بدليل وجود أكثر من شخصيّة سياسيّة ودينيّة من مناطق متعدّدة كعريمط (عكّار) وسعد الدين الخطيب (إقليم الخروب) وعدد من الشخصيات الأُخرى.
تختلف ردود الفعل داخل «المستقبل» بين مرحّب كأحمد الحريري و«منقّر» كأحمد هاشميّة


معلوم أن رجل الأعمال البيروتي لا يملك الكثير من الأفكار السياسيّة، لكنه يملك ما يكفي لـ«يرشرش» مساعدات على «البيارتة»، رغم أنه «شدّ الأحزمة» أخيراً ما أدى إلى تقليص موازنة المساعدات إلى 20 مليار ليرة (200 ألف دولار)، موزّعة على «بونات» أدوية من صيدليّة يملكها سامر سوبرة، ومساعدات موسميّة بقيمة 50 دولاراً، ومساعدات مدرسيّة وجامعيّة لا تتعدّى الثلاثة ملايين ليرة، فيما نجح في حصد بعض الأموال من حملة تبرّعات من أصدقائه في الخارج أنفقها مساعداتٍ اجتماعيّة على أبناء العاصمة. علماً أنه انتقى للتجمع موقعاً مميزاً في «sea side» ملاصقاً لمكاتبه في المبنى نفسه، وأثّثه بـ«فرشٍ» فاخر كلّف عشرات آلاف الدولارات.

«المستقبل» مع وضد؟
أصداء إطلاق «التجمّع» داخل تيار المستقبل، تختلف بين جناح وآخر، بين مرحّب كالأمين العام للتيار أحمد الحريري، و«منقّر» كرئيس جمعيّة «بيروت للتنمية الاجتماعيّة» أحمد هاشمية، علماً أن كلاهما يؤكدان أنّهما يتصرّفان بناء على توجيهات رئيس «المستقبليين»! فيما الرواية الحقيقية تُشير إلى أنّ «التيار الأزرق» لم يهضم عملياً خذلان شقير له عندما دعم لائحة السنيورة في بيروت من تحت الطاولة، ولرميه أوراق اعتماده في حضن السفارة السعوديّة، ولأنّ المستقبليين متيقنون من أنّ كل ما يقوم به رئيس غرفة التجارة والصناعة هو لـ «التكويش» على إرث الحريري. وهذا، برأي مطلعين، ما يبرر التناقض بين «الأحمدين» ويشي بعدم رضى الرئيس الحريري على التجمّع، وإلا لكان هناك قرار موحّد بمساندته، أما الترحيب العلني فهو لعدم اتهام «الحريريين» لاحقاً إذا ما جرت «فركشة» التجمّع.
في المقابل، يصر وزير الاتصالات السابق على التعميم بأنّه حظي بدعمٍ مباشر من الحريري خلال زيارته إلى أبو ظبي السنة الماضية، وفي زيارةٍ ثانية للطبش إلى بيت الوسط في شباط الماضي، لسؤال الحريري رأيه في عملها مع شقير، مبرّرةً أنّ هدفها الإبقاء على القاعدة «المستقبليّة» في العاصمة إلى حين عودته، فردّ عليها رئيس «المستقبل» بالإيجاب. غير أن مقربين من الحريري يؤكدون أن لقاءه مع نائبة بيروت السابقة لم يكن طويلاً، وهي طرحت عليه فكرة «مساعدة الناس» فوافق، لكن هذا لا يعني دعماً لـ«تجمّع شقير»، من دون أن يكون مناهضاً له بالضرورة.