بضربة واحدة ومركّزة ودقيقة ضدّ ثلاثة من قادة «الجهاد الإسلامي»، أراد العدو ترميم صورة ردعه التي لحقت بها في خلال الفترة الماضية أضرار جسيمة، ساهمت في تكبير حجمها أيضاً الأزمة الداخلية الإسرائيلية، والتي تركت بدورها آثاراً غير خافية على «المِنعة المجتمعية» في الكيان. وإذ أفلحت هذه الضربة، بالفعل، في إعادة اللُحمة إلى حكومة بنيامين نتنياهو التي كان خطر السقوط محدقاً بها من جرّاء مقاطعتها من قِبَل القطب الرئيس في تيّار «الصهيونية الدينية»، فإن تحقيقها الهدف الاستراتيجي المطلوب منها لا يبدو أكيداً ولا مضموناً؛ إذ إنها ستستتبع حتماً ردّاً موحّداً ومنسّقاً من المقاومة لن يكون بأيّ شكل من الأشكال على غِرار ذلك الذي أعقب اغتيال قادة «الجهاد» في عام 2022. ردٌّ سيضع المؤسّسة الصهيونية أمام خيارَين: إمّا امتصاصه بأقلّ التكاليف الممكنة وبالتالي التسليم بمزيد من الأضرار العميقة اللاحقة بـ«هيبة الردع»، وإمّا الانجرار إلى حرب لا أحد يكفل انحصارها بقطاع غزة؛ ذلك أن مبدأ «وحدة الساحات» الذي بات محدّداً رئيساً من محدّدات عمل المقاومة في فلسطين والإقليم، سيكون حاضراً خلف الباب، ليدفع بالمشهد برمّته، ربّما، إلى مستويات ليست بالتأكيد مرغوبةً لدى إسرائيل. وعلى رغم الكمّ الهائل من التبجّح الذي حملته تصريحات قادة العدو مساء أمس، فهي لم تفلح في حجب حالة الذعر التي اجتاحت مناطق «غلاف غزة»، حيث تعطّلت الحياة بشكل شبه تامّ، وبدأت عمليات إجلاء واسعة للمستوطنين، وأعاد جيش الاحتلال نشر قواته ورفع استعداداته تحسّباً للردّ الفلسطيني. كلّ ذلك حتى قبل أن يُطلَق صاروخ واحد من القطاع، وهو ما يبدو كفيلاً برسم معالم المشهدية التي سترتسم حال حصول الردّ الآتي حتماً، والذي قد تتبدّد معه حالة النشوة التي اعترت قادة العدو ومستوطنيه أمس، في أعقاب المجزرة الغادرة في غزة