لم تحمل المناخات المتعلّقة بالملف الرئاسي جديداً نوعياً، في انتظار الاجتماع المُفترض بين السفير السعودي في بيروت وليد البخاري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، باعتبار أنّ ما يصدُر عن جنبلاط سيُعطي إشارة واضحة إلى المسار الرئاسي. إذ إن جنبلاط، ومعه نواب مستقلّون خصوصاً من السنّة، كانوا قد أبلغوا رئيس مجلس النواب نبيه بري وغيره بأنّ موقفهم النهائي من ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية سيكون متاثراً بالموقف السعودي.في غضون ذلك، عادت قطر، ضمناً، إلى طرح ترشيح قائد الجيش العماد جوزف عون. إذ يواصل المسؤول القطري جاسم آل ثاني زياراته على القيادات السياسية في لبنان. وفيما يحرص على التأكيد أمام من يلتقيهم أن موقف الدوحة مطابق لموقف الرياض وأن بلاده لا تملك مبادرة تتخطّى السعودية أو تعمل بشكل منفصل عنها، إلا أنه بخلاف ما يشاع لا يزال يدعو معظم المعارضين لترشيح فرنجية الى دعم ترشيح قائد الجيش للرئاسة.
وفي ما يتعلق بالموقف السعودي، علمت «الأخبار» أن البخاري الذي عقد لقاءات علنية وأخرى بعيدة عن الأضواء في اليومين الماضيين، أوضح أن ما تغيّر في موقف بلاده يقتصر على إعادة تثبيت المعادلة التي كانت قائمة عام 2016 لجهة أن الرياض لا ترشّح أحداً، وفي الوقت نفسه لا تضع فيتو على أحد، ولا تمانع وصول من يتّفق عليه اللبنانيون. ونقل زواره أن الرياض لا تجد نفسها مضطرّة إلى أن تكون في موقع المتدخّل أو الشريك في أيّ تسوية مقبلة أو فرض وجهة في الانتخابات الرئاسية، وبالتالي لن تكون معنية بخوض معركة فرنجية أو غيره، كما لن تكون خلف أي محاولة لتعطيل انتخابه.
الجميع ينتظر إشارة جنبلاط وأزمة الرئاسة تحتاج إلى وقت


وفي هذا السياق، برز الى الواجهة موقف أميركي ضاغط يستعجل إجراء الانتخابات الرئاسية. ونقل عن السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا أنها حثّت بري على الإسراع في المشاورات ودعوة المجلس الى عقد جلسات مفتوحة للانتخاب. وبحسب المصادر، «أوضح رئيس المجلس للسفيرة الأميركية أن الدعوة الى عقد جلسات جديدة رهن وجود مرشح جدّي من الطرف الآخر، وفي اللحظة التي يبرز فيها مرشح يعطي إشارة الى جديّته لناحية وجود كتلة وازنة خلفه، سيدعو الى عقد جلسات مفتوحة حتى انتخاب رئيس».
وفي السياق، حرص بري على إبلاغ فرنجية أن موقفه هذا لا يعني أنه يدعو الى نقاش جديد حول اسم المرشح الأوفر حظاً، مؤكداً له تمسّكه بترشيحه، وأن المهم الآن العمل على منع تعطيل نصاب الجلسات، ومواصلة الحوار مع الكتل المتردّدة لحشد الأصوات لمصلحة فرنجية. وقد كان بري واضحاً أيضاً بأن موقف السعودية إيجابي لناحية إسقاط الفيتو غير المعلن عليه، لكن يجب انتظار المزيد من المشاورات الفرنسية – السعودية لإقناع الرياض بدعم التسوية. وفي هذا الإطار، قالت المصادر إن «باريس أبلغت فرنجية وغيره بهذا الجو وبأن هناك تقدماً إيجابياً في الموقف السعودي، لكن الأمور لا تزال تحتاج إلى وقت».
وفي السياق، عُلم أن البطريرك الماروني بشارة الراعي يعدّ لجولة جديدة من المشاورات مع القوى المسيحية، وقد باتَ واضحاً له أنه لا مجال لوضع لائحة مفتوحة لأسماء مرشحين، لذا يحاول إقناع القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر والمستقلين بالتوافق على اسم لا يستفزّ الطرف الآخر. لكن جهود الراعي تصطدم حتى الآن بموقف القوات التي تصرّ على ترشيح شخصية «قادرة على مواجهة حزب الله» وعلى الإيحاء بإشارات إلى قائد الجيش العماد جوزيف عون»، بينما يرفض التيار الوطني ترشيح قائد الجيش من الأساس، كما يرفض ترشيح أيّ شخصية لا يقبل بها حزب الله.