الأنظار شاخصة إلى خلدة منذ أن أصدرت المحكمة العسكريّة أحكامها بحق المدّعى عليهم في ملف أحداث خلدة التي وقعت في آب 2021، والتي تراوحت بين البراءة و10 سنوات بحق الموقوفين، والإعدام بحق المدّعى عليهم غيابياً. الأحاديث المتناقلة عن فعاليات العرب، تشي بأن الأجواء سلبية بسبب «الأحكام المجحفة بحق أبناء العشائر مقابل عدم ملاحقة أي عنصر تابع لحزب الله، وانقلاب الحزب ومخابرات الجيش على مضمون المفاوضات التي جرت في الأشهر الأخيرة، وأفضت إلى التعهّد بعقوبات مخفّفة على الموقوفين».ورغم قتامة المشهد وحديث البعض عن إمكانيّة التصعيد على الأرض، ومحاولات القوات اللبنانية ونواب «سياديين» و«تغييريين» ومسترئسين توظيف الأمر سياسياً في حربهم المفتوحة على حزب الله، إلا أن ما يحصل تحت الطاولة معاكس تماماً. إذ يؤكد متابعون أن قنوات تواصل مع حزب الله أُعيد فتحها لحلحلة العقد تمهيداً لمصالحة شاملة بين أهالي خلدة، بالتوازي مع قبول محكمة التمييز العسكريّة طلبات التمييز التي سيتقدّم بها وكلاء الدّفاع عن الموقوفين في الأيّام المقبلة وتخفيض الأحكام إلى ما دون الـ 7 سنوات، إضافة إلى إيجاد حل لقضيّة الفارين من وجه العدالة ممن صدرت في حقهم أحكام مشدّدة.
هذه الإيجابيّة لم تخرج إلى العلن بعد، بل يفضّل المتابعون عدم الدخول في تفاصيلها قبل وضع اللمسات النهائية على حل يقفل هذا الملف نهائياً، وخصوصاً مع بروز انقسام في الآراء داخل عائلات العشائر، وهو ما ظهر بوضوح في «المؤتمر الصحافي - الخطابي» الذي عقد أول من أمس في خلدة استنكاراً لأحكام «العسكريّة». فبعد اختلاف الآراء حول عقد المؤتمر في خلدة أو دار الفتوى، وشعور آل غصن وأقاربهم من آل موسى بأنّهم «حملوا» الأحكام المُشدّدة مقابل أحكام مخففة على موقوفي العائلات الأُخرى من العرب، ظهر الخلاف أيضاً عندما «همس» عريف المؤتمر طلال الضاهر للنائب أشرف ريفي، أمام الميكروفونات المفتوحة، بضرورة التصعيد، فيما تصدّى أحد مشايخ العشائر، الشيخ نايف الملقّب بـ«أبو عادل»، للنائب ميشال معوّض قبل أن يبدأ كلمته لقطع الطريق على الاستثمار في دماء العشائر، فدعا إلى «تهدئة النفوس وعدم استخدام الخطابات النارية، لأنّنا ننتظر تمييز الأحكام»، مؤكداً «أننا مقاومون لإسرائيل»، ومُطالباً رئيس مجلس النوّاب نبيه بري «بالنظر بهذه القضيّة».
ريفي ومعوض وضو يستثمرون في الدم ويؤجّجون الفتنة


وبحسب مطّلعين، عكس كلام الشيخ «أبو عادل» قراراً لدى فاعليّات العشائر بعدم السماح بأي تصعيد عسكري أو فلتانٍ أمني أو ردّة فعل غير محسوبة في المنطقة. وهو ما عبّر عنه، أيضاً، أحد وجهاء العشائر، الشيخ رياض الضاهر الملقّب بـ«أبو زيدان»، الذي أكّد في مقابلة تلفزيونيّة «أنّنا مع رفع الصوت وضد رفع السّلاح». وبحسب المصادر، تعقد الفاعليات العشائرية اجتماعات مفتوحة لضبط الإيقاع ومحاولة تهدئة الأجواء ودعوة أبناء العشائر إلى عدم الدّخول في إشكالٍ مع الجيش ولو استخدم الأخير القوّة المفرطة لفتح الطريق.
إلا أن ذلك لم يحل دون تجاهل بعض خطباء المؤتمر، كأشرف ريفي، لقرار الوجهاء وكأنّه غير موجود، محاولين النفخ في أبواق الفتنة والإيحاء بأنّهم يمتلكون قرار أبناء العشائر، علماً أنهم سبق أن غسلوا أيديهم من هذه القضيّة أو أُبعدوا عنها بقرار من وجهاء العرب. فقد كان واضحاً أنّ ريفي وميشال معوض وغيرهما يُريدون الاستثمار في ملف خلدة واللعب على الوتر الطائفي. فالمدير العام السابق لقوى الأمن الداخلي، الذي يُنادي بـ«دولة القانون والمؤسسات»، بدأ كلمته بـ«التحيّة للبطل أحمد غصن» مثنياً على الأخذ بالثأر، واستحضر كلّ الملفات من تفجير المرفأ إلى الموقوفين الإسلاميين لإعلاء خطاب الاستضعاف السني، وهو ما فعله معوّض أيضاً و«التغييري» مارك ضو والقواتي نزيه متّى الذين لم يقصّر أيّ منهم في العزف على الوتر الطائفي والهجوم على حزب الله، فيما أثارت استغراب المتابعين كلمة النائب عماد الحوت الذي تحدث عن سلاح حزب الله مواربةً.