بعد محاولاتٍ عدة، نجحت الضغوطات السياسية في إنقاذ رئيسة هيئة إدارة السير هدى سلّوم التي «حرّرها» القضاء والطاقم المتورّط معها من سجون شبه الدولة. وسار ملفُ فساد النافعة على النهج القضائي المتّبع في قضايا كهذه، ليبلغ «النهاية السعيدة» التي لا تُقفل فيها أبواب السجون على المتورّطين، في مشهد ممل في تكراره لما انتهى إليه ملف فساد العقارية قبل أسابيع.فقد قرّر قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان زياد الدغيدي إخلاء سبيل سلوم والمتورطين معها في قضايا فساد حوّلت النافعة إلى وكر للمخالفات القانونية. وفي المعلومات، أن المخلى سبيلهم 33 كانت التهم الموجّهة إليهم تتراوح بين جنحة وجناية، وقد منعهم الدغيدي من السفر ومزاولة المهنة لمدة أربعة أشهر. وقد أُبقي على ثلاثة أشخاص (ب. ع. ر. ح. و ن. ب.) لـ«مزيد من الاستيضاح». علماً أن في الملف أيضاً، 22 موظفاً بين متوارٍ عن الأنظار وهارب إلى الخارج، تحديداً تركيا.
ويُنتظر اليوم أن تُبدي النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان ممثلةً بالقاضية غادة عون الرأي بالقرار، الذي يرجّح أن يكون «سلبياً وتستأنفه» وفق متابعين. عندها يصبح القرار النهائي بيد الهيئة الاتهامية لتصدره في غضون أسبوع. أما إذا صادقت النيابة العامة على قرار الدغيدي فتبدأ فوراً إجراءات دفع الكفالات المالية (قيمتها 300 مليون ليرة) وإخلاءات السبيل.
مصادر متابعة، تتحدّث عن علمها بـ«ضغوطات سياسية مارسها مسؤولون في تيار المستقبل». وكان من المُنتظر أن يتّخذ القرار «الأسبوع الماضي»، إلا أن «المحاولات فشلت بعدما تعذّر على الطهاة الحصول على تأكيدٍ بأن النيابة العامة لن تستأنف». لذلك، تقدّر المصادر بأنّه «حتى لو استأنفت النيابة العامة القرار فإن الهيئة الاتهامية ستعود وتحكم لمصلحة إخلاء السبيل». وهذه الأجواء «دفعت بالإدارة الجديدة المعنية بتسيير العمل في مركز النافعة إلى التسريع في عملية الافتتاح لتأكيد أن النافعة عاودت العمل بجهود عسكريي قوى الأمن، وليست متوقفة على تواجد سلوم والطقم القديم».
«دوغما» واحدة تعاطى القضاء مع المتهمين في ملفي النافعة والعقارية. ساوى بين رأس الهرم المسؤول وبين أصغر موظّف متورّط وما بينهما من سماسرة ومرتشين، موجهاً للجميع التهمة عينها وعاد وأخلى سبيلهم. يقرأ معنيون في هذا السلوك «همروجة مكافحة فساد إصلاحية استخدمت فيها السلطة الجسم القضائي مرة جديدة». إذ كان يلزمها قضاة يقرّرون إخلاء سبيل متهم بجناية كهدى سلوم قبل انقضاء مدّة التوقيف الاحتياطي القانونية المحددة بـ6 أشهر. أبعد من ذلك تلفت مصادر قضائية مُمتعِضة إلى أن ما يحدث أخيراً هو «استخدام التوقيف الاحتياطي وسيلة لإسكات الرأي العام أو لتحصيل أموال عبر الكفالات وحسب، إذ يُلاحظ أن مصير الملفات في المراحل اللاحقة من المحاكمة إما الموت المقصود كتعيين جلسات متباعدة زمنياً لفترات قد تصل إلى سنة، وإما نسيانها في الأدراج، وإما تخفيض العقوبة لتتناسب والأشهر التي يكون قد قضاها المتّهم في التوقيف الاحتياطي».


قراران منتظران لـ«الداخلية»
في إطار تخفيض نسبة المعاملات التي تجريها مصلحة النافعة، من المتوقّع أن يُصدِر وزير الداخلية بسّام مولوي قرارين. أولهما، يعفي بائع المركبة وشاريها من الحضور إلى النافعة لتسجيلها، ويسمح بموجبه بالتسجيل لدى كاتب العدل وحضور شخص واحد منهما إلى النافعة أو إتمام المعاملة بواسطة معقّب معاملات. والثاني، يحصر مولوي بموجبه عملية الكشف في النافعة بالسيارات الجديدة المستوردة، أما تلك المستعملة والتي ستباع من شخص إلى آخر في لبنان فلن تخضع لهذا النوع من الكشف كما هي الحال راهناً.