اختارت القوات اللبنانية أسلوب تيار المردة للردّ على النائب سليمان فرنجية. لقاء صحافي مع النائب أنطوان زهرا للردّ على «الهجوم السياسي والإعلامي» لفرنجية، ونفي معظم ما نُقل عن بنشعي. هي المرّة الثانية التي يعتكف فيها رئيس القوات سمير جعجع عن الرد مباشرة على مرشحين لرئاسة الجمهورية، ملقياً المهمة على عاتق أحد أعضاء كتلته النيابية. في المرة الأولى، كُلّف النائب فادي كرم بالرد على إطلالة "سلبية" الرئيس أمين الجميل تجاه اتفاق 18 كانون الثاني. ما السبب؟ «هذا جزء من تقسيم المهام»، تجيب أنطوانيت جعجع، المستشارة الاعلامية لرئيس القوات. أما غياب صحيفة «المستقبل» عن اللقاء فلا دلالات سياسية له: «لم يتمكنوا من تأمين مُراسل، لأن التواصل تمّ في وقت متأخر. الأسبوع المُقبل سندعو إلى جلسة أخرى، وسيكون الجميع حاضراً».
«الفدائي» هذه المرّة كان زهرا، أو «راهب قوى 14 آذار»، كما يصف نفسه. ثلاثة أسباب تختصر هذا الخيار. أولاً، كان نائب البترون أول من رأى أنه إذا حُصر التنافس الرئاسي بين مرشحين من فريق 8 آذار، فالأفضلية هي لصاحب أكبر تكتل نيابي مسيحي، «وممكن أن نُعوّل عليه في رفض تصرفات غير مقبولة وطنياً. ليس طموحنا أن يكون رئيس الجمهورية رئيس بلدية كُبرى». ثانياً، بداية العلاقة مع السعودية، والتي كانت بطلب من حكامها، جاءت بداية عبر زهرا. أما السبب الأخير، فهو أن الحوار مع تيار المردة بدأ في عام 2006 عبر زهرا والوزير السابق يوسف سعادة. ومنذ ذلك الوقت برز الخلاف حول النظرة إلى الدور المسيحي والشراكة: «نظرتنا للبنان تنطلق من الطائف».
لو أكملنا التفاوض مع فرنجية فهل كان ليقبل بالتحالف مع قاتل أبيه؟

قبل ملء أقداح النبيذ الذي يُفضّله زهرا بترونياً، يشدّد على حرص القوات على الإيجابية في التعاطي مع المردة وعلى العلاقة الشخصية: «أنا من المعجبين بشخصية الوزير روني عريجي وسعادة. حتى فيرا يمين، التقينا في إحدى السهرات، فأُعجبت بسرعة بديهتها وذكائها».
طرح ترشيح فرنجية أتى في إطار أنه «مرشح طبيعي، ولم يكن في إطار التفاوض على الموقع. ولكن الحملة الآن لها طابع سياسي». النقطة الثانية التي يجزم زهرا بأنها غير دقيقة هي الفيتو القواتي على وصول العميد شامل روكز إلى قيادة الجيش: «لا نعارض ولا نخوض معركته ولا نخوض معركة ضده. نحن خارج الحكومة، وموقفنا لا يؤثر سوى معنوياً». أما في ما خصّ اشتراط القوات الحصول على وزارة الداخلية، فـ«اعتبرنا انطلاقاً من منطق الشراكة أنها أساسية للمسيحيين، بعد أن حُسم أن وزارة المال ستبقى من حصة الطائفة الشيعية. بيد أننا لم نطلب أن تكون الداخلية من حصة فريق 14 آذار، لأننا لم نكن نتقاسم الحصص». كلّ هذه الجلسات والنقاشات كان الرئيس سعد الحريري يطّلع عليها، «من دون الدخول في التفاصيل». انزعاج القوات لا ينحصر فقط في «تحوير الحقائق»، هناك تمنٍ أن «يتركوا الموتى يرتاحون في قبورهم. ما عاد فينا نتحملها»، وذلك رداً على ما نُقل عن فرنجية: «كيف يتحالف عون مع المسؤول عن مقتل أبي؟». السؤال الذي يطرح نفسه، «إذا أردنا أن نبني على ما يزعمون: لو أكملنا التفاوض مع فرنجية، هل كان ليقبل بالتحالف مع قاتل أبيه؟».
بعد تبنّي ترشيح القوات لعون، جرى اتصال بين سعادة والمسؤول عن الحوار مع المردة طوني الشدياق «وكان هناك عتب لانقطاع التواصل». أمّا مشكلة الثقة بين الطرفين، حالياً، بسبب خرق المردة لبند «المجالس بالأمانات»، فـ«تُعالج».
العلاقة مستمرة مع السعودية وجعجع لم "يغلط" مع الحريري

صحيح أنّ خطوة معراب أزعجت حلفاءها المحليين والإقليميين «ولكن العلاقة مستمرة مع السعودية، خصوصاً أنها مباشرة ولم تبدأ عبر المستقبل. السعوديون يعتبروننا إضافة لتجميل العالم العربي». هل أنتم من طلبتم إجراء مُقابلات مع ثلاث صحف سعودية؟ يجيب زهرا بأنّ «الجو كان بأنّ جعجع بيمشي (مع مبادرة الحريري الرئاسية). فوجئوا إنو ما حدا بجيبة حدا. كل شي عم ينشرح على رواق». التواصل مع المملكة يتولاه بيار أبي عاصي «وجعجع لم يطلب زيارة»، ومعراب تتفهم أنها «صديقة السعودية وسعد ابنها». العلاقة غير الجيدة مع الأخير «نحن محكومون بإصلاحها». إلا أن أي مبادرة إيجابية لم تنجح حتى الساعة، «مش جعجع الغلطان بحق حدا تا يطلب موعد. لو عرف سعد كيف يُنسّق معنا، لربما كنا انتخبنا رئيساً».
توتر علاقة القوات مع حلفائها لم يُعبّد أمامها طريق حارة حريك: «لا توجد علاقة سياسية. حزب الله لا يريد ذلك، لأننا جديون عندما نتفاوض». رغبة معراب في التواصل مع قيادة حزب الله تعود إلى عام 2006، «ولكن الأكيد أننا لم نطلب تسهيل وساطة أحد». والأهم أن «قراءتنا للوضع الإقليمي لا تدفعنا إلى استرضاء إيران وحلفائها. على العكس، نحن نرى أن التدخل الروسي في سوريا أنهى دور إيران». إقفال أبواب «المقاومة» في وجه القوات يُقابله انفتاح من حزب الله تجاه حزب الكتائب. يعتقد زهرا بأنّه «لو كانت الكتائب قوية مثل القوات لما كان التعامل معها بهذه الايجابية». ولا يفهم زهرا ردّ فعل «الحزب الأمّ» على لقاء معراب، «فنحن كنا نحيط النائب سامي الجميّل بالتطورات ونُطمئنه بأننا سنكون إلى جانبه. لم يكفه هذا الأمر». المُشكلة أن الجميّل «يظنّ أننا اتفقنا مع التيار على الحصص، وأراد أن يعرف دوره». في هذا الإطار، ينفي زهرا ما يُقال «عن أننا نريد التمثل بالثنائية الشيعية لجهة إلغاء الباقين»، ولكن «منطق هم يُقررون ونحن نسير انتهى. السوري مش هون».
زهرا الذي اكتفى بثلاث دورات انتخابية ويدعو إلى «تجديد دم الحزب»، يقول إن الحديث عن تفاهمات نيابية «لا يزال مبكراً، وهو إثبات لنظرية الباقين بأن التحالف إلغائي». أما في ما خصّ الانتخابات البلدية، «فلا أحد مُتحمّس لها سوى نحن والتيار، لأننا نريد أن نختبر تحالفنا، وقد أبلغنا الجميع أننا قد نتحالف معاً». خلاصة الجلسة أن لا جديد في الملف الرئاسي: «فرنجية كان خاتمة ترشيحات الأقوياء».