لم يكن أحد يتمنى أن تكون نهاية الدوري اللبناني على الشكل الذي انتهى به. لم يكن أحدٌ يتوقع أن يحدث ما حدث في جونية أمس في لقاء الأنصار والعهد في ختام الدوري اللبناني لكرة القدم. لم يكن هناك أي مؤشرات لحدوث ما حدث. بل على العكس كان القيمون على المباراة من اتحاد وإداريي الناديين ورابطتي الجمهور يقومون بكل ما هو مطلوب لضبط الأمور وتهدئة الأجواء. فريقا الانضباط لدى الجمهورين يتحركون بشكل دائم وفي كل الاتجاهات لتنظيم حضور الجمهور وتصرفاته. رئيسا الناديين نبيل بدر وتميم سليمان يداً بيد في جولة لتحية الجمهورين.حتى الشوط الأول من اللقاء جاء هادئاً في ظل ندرة الفرص على رغم تقدم العهد بهدف ربيع عطايا في الدقيقة 39.
(طلال سلمان)

في الشوط الثاني، تغيرت الحال. بدا كأن المباراة تعاني حالة انفصام. لا شك أن بعض القرارات من قبل طاقم الحكام العماني ساهمت في ما حدث. فالشرارة انطلقت من هدف سجله الأنصاري نادر مطر لم يحتسبه الحكم بسبب إعلانه لخطأ لمصلحة الأنصار قبل تسجيل الهدف. جنّ جنون جمهور الأنصار وخرج وفقد رئيسه نبيل بدر أعصابه معترضاً على قرار الحكم على وقع تحطيم للكراسي من قبل جمهور الأنصار ورميها إلى أرض الملعب. توقفت المباراة لـ13 دقيقة قبل أن تستكمل بعد معالجة الأمور. عادل الأنصار عبر ركلة جزاء غير صحيحة عبر حسن معتوق في الدقيقة 83، ومن ثم عاد العهد وتقدم عبر محمد ناصر (88). عادل الأنصار مجدداً عبر حسن معتوق (94)، لكن الإسكتلندي لي إروين سجل هدف التقدم بعد ثلاث دقائق. وقبل نهاية المباراة بست دقائق نال الأنصار خطأ وحصل إشكال بين اللاعبين ليقوم جمهور الأنصار بكسر الحاجز الحديدي ويجتاح أرض الملعب، حيث خرج الحكام سريعاً وتعطلت المباراة.
(طلال سلمان)

من هذه اللحظة تحوّل الملعب إلى ساحة حرب. مسٌّ من الجنون أصاب كثيرين فبدا واضحاً صعوبة إكمال اللقاء. أمرٌ حسمه الحكم الرئيسي خالد الشقصي حيث قرر عدم استكمال المباراة والنتيجة تشير إلى تقدم العهد 3-2 بسبب فقدان الأمن وخطورة الأجواء على جميع من في الملعب.
انتهى اللقاء بأسوأ طريقة. عادت الكأس إلى خزائن الاتحاد اللبناني لكرة القدم بدلاً من أن تذهب إلى خزينة الفريق الفائز. لم يتوّج فريق ولم يطلق الحكم صافرة النهاية. أصبحت الكرة في ملعب الاتحاد اللبناني. فالقرار له وهو من سيحدد مصير المباراة التي كان منتظراً أن تكون عرساً فتحوّلت إلى نقطة سوداء في سجلات الكرة اللبنانية.
الجميع بانتظار قرار الاتحاد حول المباراة التي لم تستكمل


لا تبدو الأمور بحاجة لكثير من الاجتهاد. فما حصل قد حصل تحت أعين الجميع وتقارير الحكام ومراقب المباراة واضحة. والمسألة تحتاج إلى قرار.
محزن المشهد الختامي. محزن مشهد الكراسي المحطمة على أرض الملعب. محزن مشهد الحشيش المحترق بسبب رميه بالمفرقعات النارية ما ألحق به ضرراً كبيراً. محزن أن ترى سياج بطول أمتار عدة ملقى على أرض الملعب. محزنٌ أن ترى ملعب جونية الذي حمل الكرة اللبنانية في المواسم الأخيرة وكان المنقذ لمبارياتها مظلمٌ وأضواؤه مطفأة لدفع الجمهور على مغادرة أرضه.

(طلال سلمان)

يكفيك أن تقف على الجسر الموازي وتلقي نظرة إلى الملعب. مشهد مؤلم لا يمكن تبريره أو تفسيره. فمهما حصل لا يمكن أن يكون رد الفعل بهذه الطريقة.
المسؤولية لا تقع على عاتق طرف واحد بل على عاتق أطراف عدة. ليس مهماً من يتحمل المسؤولية، المهم أن ليلة سوداء أخرى عاشتها الكرة اللبنانية أضافت إلى معاناتها جرحاً آخر.