كادت الأمور تخرج عن السيطرة في طرابلس أمس، غداة استهداف مسلحين ملثمين، ومحتجين على ما يحصل في عرسال، لمواقع الجيش وعناصره في المدينة، ما أدى الى إصابة 11 جندياً بجروح متفاوتة، حال أحدهم حرجة، الى جانب وفاة طفلة وجرح مدنيين. وكان الجيش قد تمكن من منع المحتجين على إطلاق النار في عرسال على وفد هيئة العلماء المسلمين، من قطع طريق طرابلس ـ عكار الدولية ليل أول من أمس، فيما استهدف محتجون ملثمون مركزاً للجيش عند مستديرة نهر أبو علي بقذيفة وإطلاق النار نحوه ورشقه بالحجارة، ما أدى الى جرح أربعة جنود، كما اعتدى هؤلاء على السيارات والمارة بين مستديرتي نهر أبو علي والملولة، وألقوا عبوة نحو ملالة للجيش عند تخوم منطقة باب التبانة.

التصعيد ضد الجيش بلغ ذروته قرابة السادسة من صباح أمس، عندما أطلق مسلحون ملثمون النار على حافلة تقل عسكريين في طريقهم للالتحاق بمراكزهم، ما أدى إلى إصابة 7 عسكريين بجروح، أحدهم أصيب إصابة بالغة، فضلاً عن وفاة طفلة وجرح رجل مسن.
على الفور، أغلق الجيش كل الطرقات المؤدية إلى باب التبانة، بما فيها الطريق الدولية ابتداءً من البداوي شمالاً حتى إشارة شارع المئتين جنوباً، إضافة إلى طرقات داخلية عدة، في موازاة تعزيز إنتشاره وإجراءاته الأمنية، ما أدى إلى تقطيع أوصال المدينة وشلّ الحركة فيها.

أحد عشر جريحاً
من عناصر الجيش في اعتداءات متفرقة


مصادر أمنية مطلعة عزت في حديث الى «الأخبار» ما حصل في طرابلس في الساعات الـ48 الماضية إلى «إعداد الأرض في المدينة منذ ما قبل انتهاء شهر رمضان ضد الجيش، ومن أجل بث الفوضى في المدينة. وما زاد الطين بلة قرار إلغاء وثائق الاتصال، واستهداف الجيش بعد توقيف حسام الصباغ». وأوضحت أن «مجموعة مسلحة يراوح عددها بين 8 و10 مسلحين معروفة أسماؤهم، وهم مطلوبون للقضاء، اعتدوا على الجيش عند مستديرة نهر أبو علي، واستهدفوا الحافلة التي كانت تقل عسكريين لاحقاً. وهؤلاء يحظون برعاية سياسية ودينية في طرابلس برغم انتمائهم إلى تنظيم إرهابي». وأبدت المصادر أسفها لصدور «مواقف تنزعج من قيام الجيش بدوره في طرابلس، فيما لا يبدي هؤلاء أي استياء أو تذمّر من استباحة المسلحين للمدينة».
ورأت المصادر أن أي خطوة لإيقاف المسلحين عند حدّهم نهائياً، «تتطلب توقف سياسيين عن مهاجمة الجيش والقوى الأمنية بلا وجه حق، وأن يصدر الرئيس سعد الحريري موقفاً حازماً لا لبس فيه، يعلن فيه دعم القوى العسكرية والأمنية، والتبرؤ علانية من أي مسؤول لديه يخرج عن هذا الموقف». واتهمت قوى سياسية «بتأييد قوى التشدد والتطرف والإرهاب كجبهة النصرة وتنظيم داعش»، مذكرة بأن هؤلاء «وقفوا سابقاً إلى جانب الجيش في حربه ضد تنظيم فتح الإسلام لأنه ورطهم وأرادوا التملص منه، لكنهم اليوم مرتبطون، عبر أطراف خارجية عدة، بمشاريع داعش والنصرة، لذا هم اليوم ينتقدون الجيش أو يقفون معه بخجل».
الى ذلك، وتعليقاً على تعرض وفد هيئة العلماء المسلمين في عرسال لاطلاق النار، عبّرت الهيئة في بيان لها أمس عن «مخاوفها من أن يمتد ما يحصل في عرسال إلى كل المناطق»، لافتة إلى «أننا أتينا إلى عرسال، لكن هناك متضررون من المبادرة، سعوا إلى ألا نصل إلى أصحاب الشأن لعرضها عليهم»، مشددة على أنه «ما من دليل واضح على الجهة التي استهدفت موكب الهيئة».
وفي المواقف، رأى الرئيس نجيب ميقاتي أن «دعم الجيش اللبناني ومؤازرته، ثابتة أساسية لحماية لبنان وشعبه، وصون وطننا من المخاطر التي يتعرض لها». ودان «التعرض للجيش في طرابلس»، رافضاً «أي محاولة للعبث مجدداً بأمن المدينة وأهلها».
وأكد وزير العدل أشرف ريفي، خلال لقائه السفير الأميركي ديفيد هيل، «دعم المؤسسات الشرعية كي تقوم بواجباتها في حفظ أمن الوطن والمواطنين وحماية سيادة الدولة».
ورأى النائب محمد كبارة، من جهته، أن «لبنان اليوم بين نارين: نار الإرهاب التكفيري الآتي عبر الحدود، ونار الإرهاب التفجيري النابع من داخل الحدود. ونحن نرفض الإرهابين معاً، ونرفض التحالف مع أي منهما ضد الآخر»، مشيراً إلى أن «مشاركة حزب الله في القتال إلى جانب النظام السوري هي التي جرّت الويلات على لبنان».