بعد الادعاء على «مصرف عودة» ادعت النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون أمس على مصرف «سوسييتيه جنرال» ورئيس مجلس إدارته أنطون صحناوي وكل من يظهره التحقيق بجرم تبييض الأموال، استناداً إلى المادة 8 الفقرة ب البند 1 من قانون رفع السرية المصرفية المتعلقة بالامتناع عن تقديم المعلومات، معطوفة على المادة الثالثة البند 1 من قانون تبييض الأموال التي تحدد عقوبة المرتكبين لهذا الجرم.سريعاً أتى الردّ من SGBL الذي اعتبر في بيان قرار القاضية عون بأنه «باطل صادر بدوافع واعتبارات سياسيّة بحتة عن قاضٍ تمّ كفّ يده عن الملفّ من قبل كلٍّ من النيابة العامة التمييزية ومجلس القضاء الأعلى، ويأتي بنتيجة أعمال إجرائيّة مشوبة بعيوب جوهريّة عديدة»، مشيراً إلى «خلفيات سياسية لعمل القاضية».
عون أكدت لـ«الأخبار» أن إقدامها على رفع الدعوى أتى بعد تحديد مهلة أخيرة للمصارف غير المتعاونة والتي تمتنع عن تقديم الداتا المطلوبة في التحقيق حول استفادة مجموعة من المصارف من قروض بواسطة مصرف لبنان عام 2019، أي عند بدء الأزمة، بقيمة 9 مليارات دولار. وأيضاً حول طريقة تبديد هذه الأموال واستفادة بعض مجالس الإدارة الشخصية منها وتحويل الدولارات إلى الخارج باستنسابية ولمصالح خاصة ثم ردّ الديون باللولار ما ألحق خسائر كبيرة بالودائع.
وبحسب عون فإن «سوسييتيه جنرال» هو أحد المصارف المستفيدة من «سخاء» حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بمبلغ يقارب مليار ونصف مليار دولار، وهي منذ طلبها الداتا حول القروض والتحويلات لم تتلق أي رد من المصرف ورئيس مجلس إدارته الذي «يعتبر نفسه فوق القضاء ويحاول تبرير هدر أموال المودعين بالإيحاء بأن المشكلة شخصية بيني وبينه في حين أنني لم ألتق به يوماً». علماً أنه سبق لعون أن أصدرت في آذار 2021 مذكرة بحث وتحر في حق صحناوي بعد تمنعه عن حضور جلسات الاستماع إليه في دعوى تتعلق بعمليات مضاربة على الليرة.
الادعاء على مصرف SGBL ورئيس مجلس إدارته بجرم تبييض الأموال ستكون له بالطبع تداعيات على عمل المصرف في الخارج وتعاون مصارف المراسلة معه، وتشير المعلومات إلى قيام صحناوي بسلسلة لقاءات في باريس طالباً التدخل لوقف الدعاوى ضده، فسمع ما مفاده بأن لا نفوذ سياسياً لباريس في هذا الأمر، لا سيما أن ثمة تحقيقاً مفتوحاً حول رياض سلامة وتبييض الأموال في فرنسا نفسها من قبل القاضية أود بوروزي ويصعب على الرئاسة الفرنسية التدخل في عملها.
الادعاء على «سوسييتيه جنرال» وصحناوي وخلافات داخل جمعية المصارف


في موازاة ذلك، وعلى وقع تعاون بعض المصارف مع القاضية عون واعترافها بتقاضي قروض من مصرف لبنان بالدولار وردها باللولار، وبعد تسليم بنك لبنان والمهجر صندوقين من المستندات مرفقة بأسماء وأرقام، وتجاوب كل من مصرفي سارادار والاعتماد المصرفي بالسماح للخبراء بسحب الداتا، دب الخلاف في جمعية المصارف بعد انزعاج أكثر من سبعة مصارف كبيرة من تعاون بلوم والاعتماد المصرفي وسارادار، حتى أن حاكم مصرف لبنان تواصل مع إدارات هذه المصارف للسؤال عن أبعاد القرارات بالتجاوب مع طلبات القاضية عون، وسط مخاوف مجلس إدارة الجمعية من أن مصارف كثيرة ستتعاون مع عون ما يؤدي ذلك إلى حشر المصارف الممتنعة وقد يوسع التحقيقات ويأخذها في اتجاهات أكثر حساسية.
وبحسب المعلومات فإن رئيس الجمعية سليم صفير طلب مهلة من عون لتقديم المعلومات التي تطلبها، وتخوفاً من التلاعب بالقيود إلى حين تسليم المستندات، أعطت عون أوامر بختم مركز بنك بيروت حيث الداتا بالشمع الأحمر على أن تُسلم الداتا إليها في اليومين المقبلين. أما بنك ميد بشخص رئيسة مجلس إدارته ريا الحفار فيظهر نية للتعاون من دون أن تترجم بعد بأي خطوة عملية باستثناء حديث المصادر عن محاولتها التوسط لدى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لإيجاد مخرج ما.
وفي هذا السياق، أصدرت جمعية المصارف أمس بياناً أسفت فيه «لعدم معالجة الأسباب التي حملتها إلى إعلان إضرابها المفتوح وأهمّها الملاحقات القضائية الخارجة كلياً عن الضوابط القانونية الإلزامية». ولفتت إلى أن «من الممارسات القضائية الاعتباطية أيضاً، قبول دعاوى مقدمة ضد المصارف من غير المودعين لديها وتقديمها إلى قضاة معيّنين غير مختصين لا نوعياً ولا مكانياً يختارون بسبب آرائهم العقائدية المعادية للمصارف، إضافةً إلى رفض بعض القضاة تبلّغ طلبات ردّهم ودعاوى مداعاة الدولة عن أعمالهم التي توجب رفع يدهم عن الملفات»، محذرة من «تأثير ذلك على سمعة المصرف وعلاقاته بخاصة مع المصارف المراسلة، بصرف النظر عن عدم صحة القرار».