ما بين باريس سان جيرمان وبايرن ميونيخ تاريخ طويل وتصفية حسابات دائمة بعيداً عمّا حصده الفريقان من نجاحاتٍ أو فشل في دوري أبطال أوروبا.النجاحات الكبيرة صنعها غالباً الألمان، بينما كانت الخيبات حليفة الفرنسيين الذين ما انفكوا يبحثون عن لقبٍ قاري لم يصل إلى فرنسا إلا مرةً واحدة عام 1993 بواسطة الغريم التقليدي مرسيليا. لكن الـ PSG كان قريباً في مرّةٍ من المرات، ومنعه البايرن نفسه عندما أسقطه في نهائي 2020، وبهدفٍ للاعب باريسي سابق هو كينغسلي كومان.
انتصارٌ كرّس وقتذاك علوّ كعب الألمان على الفرنسيين، لكن بقي هؤلاء متمسّكين بالسجل الكامل للقاءاتهم مع أفضل فرق «البوندسليغا»، إذ في 11مواجهة بينهما في دوري الأبطال (سجل كلّ منهما 15 هدفاً خلالها)، تمكن الفريق الفرنسي من التفوّق بانتصارٍ واحد وبستة انتصارات مقابل خمس هزائم، ليكون صاحب أعلى نسبة فوز بين كل الفرق التي واجهت البافاري أكثر من عشر مرات في المسابقة القارية.
هذه الصورة العامة وهذه الأرقام تترك انطباعاً بأن لقاءات البايرن وسان جيرمان تبدو دائماً من خارج التوقعات كونها أشبه بمباريات نهائية، وهي بالفعل تبدو كنهائي مبكر هذه المرّة بالنظر إلى كمّ النجوم الذي جمعه كلّ من الفريقين لهدفٍ مشترك وهو القبض على عرش أوروبا.

باريس قلقة
هناك في العاصمة الفرنسية صٌرفت الأموال سنوياً لهذا الهدف، لكن الخروج الصاعق رافق غالباً المسيرة الأوروبية للفريق لأسبابٍ مختلفة، قيل إن أوّلها هو عدم امتلاكه شخصية البطل أو بشكلٍ آخر لا يملك نجوماً أصحاب شخصية قوية، فكان ردّه سنوياً في «الميركاتو» جامعاً أسماء كبرى منتظراً منها أن تنقله إلى منصة التتويج.
لكن رغم ذلك باريس قلقة، إذ إن نجمها المحلي كيليان مبابي صاحب الـ 57مساهمة تهديفية (34 هدفاً و23 تمريرة حاسمة) في 50 مباراة أوروبية، يغيب بسبب الإصابة، بينما بدا وضع بطل العالم الأرجنتيني ليونيل ميسي ضبابياً طوال الأيام الأخيرة، وتأرجحت الأنباء يومياً بين جهوزية جزئية، وأخرى كاملة، وأيضاً غياب تام.
رغم ألقابه القارية الستة، يتفوّق باريس سان جيرمان على بايرن تاريخياً


بلا شك يحتاج الفرنسيون إلى كل لاعبٍ ونجمٍ بغض النظر عن البداية السيئة محلياً للألمان، إذ رغم أن الـ PSG فاز في أربعٍ من آخرِ 5 لقاءاتٍ على ملعبه ضد البايرن، فقد خسر آخر مباراةٍ جمعتهما في ملعب «بارك دي برانس»، وكانت في إيّاب الدور ربع النهائي لنسخة موسم 2020-2021، ليحقق «هوليوود الكرة الألمانية» ما عجز عنه الكثيرون هناك، إذ كان الوحيد الذي زار بطل فرنسا ومنعه من التسجيل في مرماه، في آخرِ 32 مباراة أوروبية للأخير على ارضه حيث حقق ما معدله 2.6 هدف في المباراة الواحدة!

أفضلية غير نهائية
بطبيعة الحال، وكما هو معلوم بطل ألمانيا لا يهاب التاريخ ولا ينظر أصلاً إلى أيٍّ من مواجهاته السابقة مع خصومه، بل يرى في فريقه نسخةً عن تلك التي هزمت الباريسيين في النهائي قبل ثلاثة أعوام، وذلك على اعتبار فوزه في كل مبارياته الأوروبية هذا الموسم، مسجلاً 18 هدفاً، ولم تهتز شباكه اكثر من مرتين. أما فوزه السابع المتتالي في حال تحقق الليلة فسيعيده إلى ذاك الموسم الرائع (2019-2020) الذي اختتمه بـ 11 انتصاراً من 11 مباراة.
بالفعل منذ ذاك الموسم يبقى بايرن هو صاحب أعلى مجموع ونسبة انتصارات (32 فوزاً بنسبة 86.5% من مبارياته) بين كل فرق أوروبا، إذ لم يتلقَ سوى هزيمتين في 37 مباراة.
طبعاً تبدّلت الأمور كثيراً في بافاريا موسماً بعد آخر، وتغيّر وضع الفريق حتى هذا الموسم، وللأسوأ بنظر البعض بعد الإصابات التي عصفت بالعديد من نجومه في الخطوط المختلفة، وبالحادث الذي تعرّض له قائده وحارس مرماه مانويل نوير، وأيضاً برحيل هدافه الأول روبرت ليفاندوفسكي، ما يجعل أفضليته غير نهائية هذه المرّة في ضيافة الباريسيين.
هي مسألة منطقية أصلاً بالنظر إلى البداية المهزوزة للفريق بعد العطلة الشتوية، والتي تداركها سريعاً بتعزيزات كان أبرزها الظهير الأيمن البرتغالي جواو كانسيلو الذي يعتبر إضافةً كبيرة، وقد ظهرت بصماته سريعاً بتمريراته الحاسمة في المباريات التي خاضها محلياً.
قبل موسمين عانى باريس سان جيرمان أمام البايرن وسجل لاعبه السابق الكاميروني ماكسيم تشوبو - موتينغ مرتين ضده، لكن الباريسيين يشعرون بأنهم أقوى وأفضل أسماء وتشكيلة بعد انضمام ميسي اليهم، ونضوج البرازيلي نيمار اكثر، وارتفاع مستوى الكيميائية بينهم اكثر.
لكن مهلاً الأرقام قد تقول كلمتها مجدداً وتعطينا تلميحات عن مشكلاتٍ باريسية، إذ إن فريق المدرب كريستوف غالتييه هو الوحيد الذي يدخل إلى دور الـ 16 من دون أن يكون قد حافظ على نظافة شباكه في أي مباراةٍ قارية هذا الموسم. هي مسألة تكفي ليطلق نظيره الشاب يوليان ناغلسمان وحوشه الهجومية التي لا ترحم في حال كانت في يومها.
هنا، يمكن سؤال فرق إنتر ميلانو الإيطالي، برشلونة الإسباني، وفيكتوريا بلزن التشيكي عمّا عاشته من كوابيس في دور المجموعات.