بشكل مفاجئ، وعلى عكس كل الإجراءات التصعيدية التي اتخذها المحقق العدلي في جريمة تفجير مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار، قرّر أمس إرجاء كل الجلسات التي حدّدها في شباط لاستجواب المدعى عليهم، وأطلق البيطار مواقف «مُهادنة» مشيراً إلى «أنني أجّلت الجلسات لأنّ مصلحة ملف التّحقيق العدلي تقتضي حصول تعاون بين المحقّق والنّيابة العامّة التّمييزية، وحالياً هذا التّعاون غير قائم، ويُفترض أن يُحلّ، وعندها نستأنف العمل». وأضاف: «نريد وضع التحقيق في ملف المرفأ على الطريق الصحيح والحفاظ عليه»، مشيراً إلى أنه لا يمكن السير بالملف في جوّ متشنّج».
(هيثم الموسوي)

خطوة البيطار فتحت باباً للأسئلة عمّا إذا كانت مرتبطة باتفاق قضائي أم لشعوره بعدم وجود غطاء شعبي وسياسي كافٍ للمعركة التي يخوضها.
علماً أنه حضر التاسعة صباح أمس إلى مكتبه في قصر العدل مع الكتّاب المسؤولين عن تدوين إجابات المدّعى عليهما النائب غازي زعيتر والنائب السابق نهاد المشنوق اللذين لم يحضرا كما كان متوقعاً. وبعد اجتماع مع محامين من هيئة الادعاء، تقرر تأجيل كل الجلسات من دون تحديد موعد لها.
الجيش يمكنه أن يحمي البيطار في منزله ومكتبه لكن لا يمكنه مخالفة مذكرة إحضار تصدر في حقه


ما جرى أسهم في تهدئة الأجواء المتشنجة في قصر العدل منذ أسابيع، إلا أن المعلومات تضاربت حول أسبابه. إذ إن التسريبات من مصادر المحقق العدلي، في الأيام القليلة الماضية، كانت تؤكّد أنه يتجه إلى إصدار مذكرات توقيف في حق من لا يمثل من المدّعى عليهم، مقابل ما نقِل عن مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات عن إصدار مذكرة توقيف في حق البيطار في حال استكمل إجراءاته. وعزت مصادر قضائية «تهدئة» البيطار إلى «مشاورات مستمرة منذ أيام بينَ رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبّود وأعضاء المجلس والبيطار وعويدات بهدف تجميد الإجراءات وتخفيف التصعيد والبحث عن سبل للخروج من هذه الأزمة القضائية، لأن استمرار الأمور على هذا النحو فلن تؤدي إلى مكان». ورأت المصادر أن «البيطار وجد في هذه المشاورات فرصة للنزول عن الشجرة لكونه لم يلقَ الدعم السياسي والشعبي المطلوب ولا حتى المؤازرة الدولية، فضلاً عن معرفته بأن أي جهاز أمني لن ينفّذ قراراته، ولأن لا مخرج قانونياً لكل إجراءاته قرر التراجع، خصوصاً أن الجيش يمكنه أن يحميه في منزله ومكتبه لكنه لن يستطيع مخالفة أي مذكرة إحضار تصدر في حقه».
في المقابل، تخوفت أوساط «العدلية» من أن تكون خطوة البيطار مجرد «استراحة محارب» منسقة مع عبّود، في انتظار الوقت المناسب لاستئناف التصعيد، ملمحة إلى إمكانية أن «يكون هذا التراجع مرتبطاً بتداول اسم قائد الجيش العماد جوزيف عون مرشحاً رئاسياً ولعدم إحراجه، علماً أن الأخير أبلغ البيطار سابقاً رفضه أن يكون طرفاً في الصراع القضائي».