الخليل | برغم مرور أسبوعين على الحرب في قطاع غزة، لم يكن رد الفعل الجماهيري في مدن الضفة عاما كما كان متوقعا، لكن مدينة الخليل، التي شهدت عملية عسكرية إسرائيلية كبيرة، كانت خيطا في إشعال الحرب على القطاع، قررت أن تشارك في الهبة الشعبية ضد الاحتلال، وخاصة بعدما قلبت مجزرة الشجاعية المعادلة. منذ يوم المجزرة (الأحد) حتى كتابة التقرير، تشهد الخليل ما هو أشبه بحرب في ظل اشتباكات يومية مع الاحتلال.
وحالما وصلت مسيرة جماهيرية كبيرة نظمها الأهالي إلى مدخل شارع الشهداء المغلق، وباب الزاوية وخطوط التماس وسط المدينة، اشتعلت نار المواجهات مع قوات الاحتلال. وعاد الشبان ليلقوا الحجارة والألعاب النارية صوب الجنود، الذين ردوا بإطلاق الأعيرة الحيه والمطاطيه والقنابل الصوتية والغازيه.
خلال هذه المواجهات أصيب ثلاثون مواطنا بجروح متفاوتة، من بينهم ثلاثة في حالة الخطر، بعدما اخترق الرصاص الحي المناطق العليا من أجسامهم، وأحدهم أصيب في مواجهات نشبت على مدخل بلدة إذنا غربي الخليل، فيما يرقد البقية في المستشفيات للعلاج.
ويقدر الأستاذ الجامعي سعيد عياد، الذي يدرّس الإعلام في جامعة بيت لحم، أن «الضفة تشق دربها نحو نصرة غزة برغم مضايقات أجهزة الأمن الفلسطيني في بعض المناطق، والوضع فعليا يشبه ما كان عليه عشية انتفاضة 1987»، مستدركا: «الأهم أن الفلسطينيين بدأوا يتحللون من قيود أوسلو ويقررون خياراتهم».


نظم الأهالي حملة
تبرعات مالية وعينية لمصلحة أهالي غزة


وأضاف لـ«الأخبار»: «المواطنون استعادوا زمام المبادرة بعد أكثر من 23 عاما من الاختطاف السياسي (التفاوض) الذي لم ينتج سوى صور جديدة للاحتلال، لذلك باتت الضفة مهيأة لمرحلة أخرى، ولاسيما أن العدوان على القطاع أعاد الشعب إلى وعيه، ولم يصبح هو الحلقة الأضعف».
من المشاهد التي تؤكد حديث عياد أنه بعد مرور يوم من الحداد العام على أرواح شهداء غزة، انتفضت الخليل من بين مدن الضفة عبر مسيرات عفويه دارت خلالها مواجهات عنيفة مع الاحتلال.
ومنذ بداية الحرب، يشهد مدخل شارع الشهداء الذي يغلقه الاحتلال منذ سنوات طويلة مواجهات يومية بعد صلاة التراويح، وتمتد حتى ساعات الفجر الأولى، لكن قوات الاحتلال تستبق هذه المسيرات بعمليات اقتحام، كان منها الدخول إلى مخيم العروب (شمال)، حيث أصيب 10 مواطنين فجر أمس بالرصاص المعدني وحالات اختناق من جراء استهداف منازل المواطنين.
ومع تصاعد الأحداث وزيادة الإصابات، حمل نادي الأسير في بيان له، وصلت «الأخبار» نسخة عنه، حكومة الاحتلال «المسؤولية عن حياة الحاجة صبحية القواسمة التي اعتقلت فجر أمس دون مراعاة كونها امرأة مسنة وتبلغ من العمر سبعين عاما»، كما خرجت فجرا تظاهرة احتجاجية في بلدة صوريف (شمال غرب) رفضا للعدوان الإسرائيلي المستمر، وأقاموا صلاة الغائب على أرواح شهداء غزة. في سياق متصل، تستمر حملة أهالي الخليل لإغاثة قطاع غزة في استقبال التبرعات، وذلك في مقر غرفة التجارة والصناعة التي أطلقت المبادرة لاستقبال التبرعات النقدية والعينية.
تعليقا على هبّة الخليل، قال نائب أمين السر للمجلس الثوري في حركة «فتح»، فهمي الزعارير إن الفلسطينيين «قرروا أن يكونوا وحدة واحدة في مواجهة العدوان، وخصوصا الجماهير التي تعاني الاحتلال مباشرة». وأضاف لـ«لأخبار»: «المجازر التي تصيب أهلنا في غزة، وخاصة الأطفال والنساء، تدفع الفلسطينيين إلى الغضب في وجه المحتل والمستوطنين». وتوقع الزعارير أن الانتفاضة صارت أقرب من أي وقف مضى، «فالظروف مهيأة بل صواعق الانتفاضتين السابقتين كانت أضعف مما يجري اليوم، لكنّ أحدا لا يمكنه الادعاء بالتخطيط لانتفاضة».