للمرة الثانية على التوالي، تتولى مبادرة «حسن الجوار» تنظيم هذه الأمسيات الموسيقية التي من شأنها إعادة الحياة إلى العاصمة وتحديداً راس بيروت. من هنا جاء شعار «الجار للجار» لأن الفكرة هي تفاعل الجامعة الأميركية في بيروت مع محيطها والسعي إلى تحسينه. في نظر المنظّمين، منطقة راس بيروت تموت نفسياً وثقافياً. تقول لنا مديرة مبادرة «حسن الجوار» المهندسة المعمارية منى الحلاق: «هي مختبر لإطلاق مبادرتنا العمرانية الثقافية. وقد أضفنا إطاراً ثقافياً جديداً إلى المبادرة العام الماضي. «مسرح المدينة» عليه أن يبقى ويتلقّى الدعم. منطقة راس بيروت تعاني ندرةً في الأنشطة الثقافية منذ خمس سنوات. في العام الماضي، بدا لي أنّ الحمرا حزينة وأن نشاطاً مماثلاً من شأنه أن يُعيد تفعيل الأمور. تحدّثت مع نضال الأشقر وكان البرنامج أوسع من هذا العام، لكننا تمكّنا من إعداده بسهولة في غضون أسبوع لأنّ الناس متعطشون لهذا النوع من الأنشطة. الفنانون كانوا متجاوبين معنا مع أننا لم نكن نعرف من أين نأتي بالتمويل. كانت النتيجة رائعة. فكرتي في الأساس هي أن يكون الحدث دامجاً لكل راس بيروت لأن هناك الكثير من العنصرية في المنطقة بسبب التغيّر الديموغرافي. بحثت عن موسيقيين فلسطينيين وسوريين وفئات مهمشة مثل العاملات الأجنبيات. هناك خلطة عجيبة في راس بيروت، فقررنا جمع الكل رغم اختلافاتهم في هذه الأنشطة. وبات ذلك تقليداً سنوياً، يبدأ بمسيرة الميلاد ويضم أمسيات موسيقى وغناء لـ «تترَوحَن» راس بيروت». انطلق البرنامج الأسبوع الماضي بأمسية جمعت بين الشعر والغناء، مع الشاعر طلال حيدر والسوبرانو غادة غانم، سبقتها مسيرة وثلاثة عروض شارع جمعت بين مختلف الجنسيات وضمّت أيضاً عاملات أجنبيات من الفيلبين والنيبال ومدغشقر. على الرغم من الحماسة والتفاعل مع نشاط مماثل، فالحصول على تمويل من أجل إقامته أمر صعب جداً. فقد اعتمدت الحلاق على مساهمة متواضعة من المؤسسات الصغيرة، إلا أنّ الموسيقيين أبدوا استعدادهم للمشاركة بغض النظر عن المبالغ التي قد يتقاضونها «لأنهم يستمتعون بذلك».
إلى جانب الأسماء المعروفة التي تشارك في الأمسيات، يشدّد القائمون على الحدث على استضافة المواهب الشابة ودعمها. في هذا الصدد، تشرح الحلاق: «العام الماضي، كانت المرة الأولى التي تقف فيها فرقة «جيلان» على المسرح. هم أشخاص انطلقوا من أماكن صغيرة وهم رائعون. «جيلان» باتت تقيم حفلات في البلدان العربية». تقدّم الفرقة حفلة تحت عنوان «أين تغيب؟» (20 كانون الأول) تجمع الفنان خالد العبد الله بابنه آدم، وأسامة الخطيب بابنه إبراهيم في أمسية يتخللها الجاز والصوفي والروك والطرب ضمن خلطة جديدة وفي جو عائلي يرغب المنظمون أن يعكسوه على المنطقة كلها.
كما تعود فرقة الموسيقى العربية لبرنامج «زكي ناصيف للموسيقى» في «الجامعة الأميركية هذه السنة أيضاً في أمسية مع أميمة الخليل تحت عنوان «شو بحب غنّيلك»، في 19 الجاري. يستمدّ النشاط اسمه من أغنية الخليل التي كتبها جرمانوس جرمانوس وألّف موسيقاها هاني سبليني علماً أنّ منال بو ملهب تولّت تدريب الكورال. وقد أبدت الخليل حماستها واستعدادها الكامل للمشاركة في الحدث عندما طُلب منها ذلك.
الأنماط المطروحة في الحفلات متنوعة، تناسب أذواقاً مختلفة من جاز وطرب وروك


إلى جانب «فرقة زكي ناصيف»، يعطي الحدث مساحة لـ «كورال الفيحاء» التي تقدّم أيضاً حفلة بعنوان «ليلة عيد» في الأمسية الختامية (23 كانون الأول). تقول الحلاق: «أعطيناهم مكاناً للتمرن ليكون هناك لهم فرع في بيروت. وهذا الفرع يشارك في الأمسية. نستضيف أيضاً فرقة «رند» (حفلة بعنوان «حكي ما نقال» مساء 22 كانون الأول) المؤلفة من ثلاثة إخوة والتي بات لها أغنيات خاصة. فرقة «جيلان» أيضاً تضمّ فردين من العائلة نفسها». لا تخفي الحلاق من جهة أخرى حماستها إزاء المكان ورمزيته: «راس بيروت لا تعطي مكانها لأحد، وتحديداً «مسرح المدينة» لأن الجمهور الذي يأتي إليه مميز. افتتحنا في يوم كانت هناك فيه مباراة ضمن كأس العالم ولكن ذلك لم يكن عائقاً أمام 200 شخص أتوا لحضور الأمسية. في الوقت نفسه، اضطررنا إلى وقف الأمسية الأولى (مع طلال حيدر وغادة غانم) بسبب حادث تعرّضت له إحدى السيدات في الحضور. إلا أن الناس بقوا في أماكنهم ولم يغادروا في انتظار عودة الحفلة وهذا ما يظهر حماستهم وتفاعلهم».
أما الأنماط المطروحة في الحفلات فهي متنوعة، تناسب أذواقاً مختلفة من جاز وطرب وروك. تقول الحلاق: «نريد أن يسمع الناس كل شيء. الخلطات جميلة. مع «جيلان»، هناك روك وجاز وطرب. أما من يحب الهدوء، فسيأتي ليستمع إلى أميمة الخليل. فرقة «رند» تصطحبنا معها إلى صغبين (البقاع الغربي). أما «كورال الفيحاء»، فعظيمة وقد باتت الكورال الوطني اللبناني وأتوقع لها المزيد من النجاح. تملك إمكانات هائلة والمايسترو بركيف تسلاكيان تُرفَع له القبعة. هو أشبه بساحر». ولا ننس محبي الجاز الذين هم على موعد مع دونا خليفة وختشاتور سافزيان في سهرة «الثنائي لوتس» (21 كانون الأول).

* «الجار للجار»: حتى 23 كانون الأول (ديسمبر) ــ «مسرح المدينة» (الحمرا) ــ للاستعلام: 01/753010