هذه الاستهدافات الوحشية لم تمنع ما تبقى من طواقم طبية ومسعفين من إكمال مهمتهم، فقامت سيارات الإسعاف بالاصطفاف بصورة جماعية للمجازفة ودخول حي الشجاعية، حتى تمّ بعدها الاتفاق على هدنة إنسانية لساعتين جرى خلالها إخراج الجثث والمصابين، رغم أن هذه الهدنة خرقها الاحتلال بالقصف أكثر من مرة.
المسعف أبو خميس شعث
لم يعلم أنه سينتشل جثة ابنه
وأبناء أخيه الثلاثة
وأفاد المسعفون والتقارير الطبية في المستشفيات بأن عدداً من المصابين فارقوا الحياة بسبب النزف المتواصل، خصوصاً بعد بقائهم مدة طويلة تعدّت عشر ساعات في بعض مناطق الحي قبل وصول المسعفين إليهم.
قبل مجزرة الشجاعية، عانى المسعفون الأمرّين على الأصعدة كافة. قصّة المسعف أبو خميس شعث تختصر هذه المعاناة، فهو لم يعلم أنه سينتشل جثة ابنه وأبناء أخيه الثلاثة الذين قضوا في قصف مدفعي عنيف في منطقة موراج جنوبي قطاع غزة. ويقول شعت الذي لم يرَ أبناءه وزوجته منذ بدء العدوان، لـ«الأخبار»، إن شقيقه اتصل به ليخبره أن الوضع سيّئ. ويضيف: «طلبت منهم ألا يخرجوا، لكنه لم يلبث أن أغلق السماعة حتى عاود الاتصال بي ليقول إنهم قصفوا، فذهبت بسرعة إلى منزل عائلتي، ووجدت ابني شهيداً مع ثلاثة من أقاربه».
المسعف محمود الإبراهيمي أيضاً لقي مصير المدنيين الذين هرع إلى إسعافهم في برج داوود الذي استهدفته طائرات الأباتشي. فخلال أدائه واجبه الإنساني، جرى استهداف البرج مرة أخرى، ليقع الإبراهيمي جريحاً وينتظر مسعفاً آخر ينقله إلى المستشفى.
عن هذا الاستهداف المنهجي، يؤكد المتحدث باسم وزارة الصحة في قطاع غزة أشرف القدرة أن جيش الاحتلال يتعمّد إطلاق النار على سيارات الإسعاف والأطقم الطبية خلال تنفيذهم واجبهم، لافتاً إلى أن ذلك يؤثر في تقديم الخدمات إلى المصابين في غزة. ويوضح القدرة لـ«الأخبار» أن «إسرائيل تحاول إخافة المسعفين بهدف منعهم من الوصول إلى الضحايا حتى يرتفع عدد الشهداء، الأمر الذي تعتبره إنجازاً». ويؤكد القدرة أن «ذلك لن يؤثر فينا، فنحن نعمل وفق مبادئنا المهنية والمجتمعية».