لم تمرّ سوى أيّام قليلة على إعادة هيكلة «جيش المغاوير»، عبر استبعاد قائد الفصيل (مهند طلاع)، وتنصيب آخر مكانه (فريد القاسم)، ودمج مجموعة من الفصائل الصغيرة في إطاره، حتى عمدت راعيته الأميركية إلى تغيير اسمه إلى «جيش سوريا الحرة». ووفق مصادر تحدّثت إلى «الأخبار»، فإن هذه ليست إلّا خطوة أولى في سياق تحوُّل يستهدف رفع عديد الجماعة الناشطة في التنف، وإخضاع مسلّحيها لتدريبات جديدة، ستركّز في غالبيتها على الشقّ الدفاعي. وتفيد المصادر بأن الفصيل يستعدّ لفتح باب استقبال المزيد من العناصر، في ظلّ تخصيص موازنة لهذا الغرض، وهو ما جرت مناقشته باستفاضة من قِبَل وفدٍ لـ«التحالف الدولي» بقيادة قائد «قوّة المهام المشتركة»، الجنرال الأميركي ماثيو ماكفارلين، الذي أجرى سلسلة لقاءات مع قادة «جيش سوريا الحرة»، خلال اليومين الماضين، اتُّفق في خلالها على أن يتمّ تكبير العديد على مراحل، يجري في كلّ واحدة منها تدريب المقاتلين الجُدد، والتأكّد من جاهزيّتهم قبل الانتقال إلى المرحلة اللاحقة.وتسعى واشنطن، بحسب المصادر، إلى زيادة عدد المقاتلين بنحو ألفَين كحدٍّ أدنى، وإعادة توزيعهم على كتائب ذات قيادة موحّدة، بما يضمن تحصين قاعدة «التحالف» في التنف، أكبر القواعد الأميركية في سوريا. وممّا يؤكد ذلك الغرض، حديث المصادر نفسها عن أن التدريبات ستتركّز على أساليب وتكتيكات التصدّي للهجمات الصاروخية، والهجمات بمسيّرات انتحارية، والتي عادت لتتصاعد في الآونة الأخيرة، في ظلّ ما يبدو أنه توجّه لدى فصائل المقاومة في سوريا، للردّ على الاعتداءات الإسرائيلية بمهاجمة «التنف» بسبب تسهيلها عمل طيران العدو. أيضاً، ستشمل التدريبات طُرق تحصين المواقع النفطية وأساليب الدفاع عنها، علماً أن القاعدة المُشار إليها بعيدة نسبياً من المواقع النفطية السورية التي تسيطر عليها الولايات المتحدة شمال شرقيّ سوريا.
الترتيبات الأميركية في الجنوب السوري تعيد التذكير بمشروع تمّ تجميده خلال عهد ترامب


وتأتي الترتيبات الأميركية في الجنوب السوري، والتي أعقبت وقوع إشكالات داخل فصيل «مغاوير الثورة»، لتعيد إلى الأذهان مشروعاً أميركياً قديماً جرى تجميده خلال فترة رئاسة دونالد ترامب الذي أراد الخروج من سوريا. إذ اقتضى المشروع المذكور وضْع هيكليّة لتشكيل فصيل مختصّ بحماية المصالح الأميركية النفطية؛ وبالفعل، تمّ تشكيل هذه المجموعة التي ضمّت نخبة مقاتلي «قسد» وبعض المسلّحين العرب. وبالنظر اليوم إلى التدريبات المقرّرة في «التنف» والمتعلّقة بحماية المواقع النفطية، يمكن التقدير أن ثمّة رغبة أميركية في إعادة إحياء المخطّط القديم، أو على الأقلّ وضع خطّة موازية يمكن الاستعانة بها لضمان سيطرة واشنطن على حقول النفط في حال حدوث خروقات ميدانية شمال شرقيّ سوريا، حيث يتكثّف أيضاً النشاط الأميركي لبدء حوار بين «قسد» ومُعارضيها.
من جهتها، تُعرب مصادر ميدانية عن اعتقادها بأن السبب وراء تغيير اسم فصيل «مغاوير الثورة»، محاولة الولايات المتحدة نفْض الغبار عنه لتورّطه في علاقة علنية مع تنظيم «داعش»، الذي تبرّر واشنطن حضورها في «التنف» بمحاربته، علماً أن هذا الفصيل لم يَخض أيّ معركة ضدّ التنظيم منذ العام 2015، بل إن «داعش» تزايَد نشاطه في الأشهر الأخيرة انطلاقاً من منطقة البادية المتّصلة بالقاعدة الأميركية. لكن مصادر أخرى تلحظ، في حديثها إلى «الأخبار»، أبعاداً إضافية في التسمية الجديدة؛ إذ يركّز على استعمال اسم سوريا، فضلاً عن أنه يستعين براية المعارضة ذات النجوم الحمراء الثلاث. وعلى هذه الخلفية، يبدو أن واشنطن اختارت اسم الفصيل ورايته بعناية شديدة، حتى تتمكّن مستقبلاً من تصديره باعتباره ممثّلاً عن المعارضة في المحافل الدولية، في حال فشلت محاولتها استعادة نفوذها في الشمال السوري.