هي ليست المرّة الأولى التي يعتمد فيها سلامة نهج التحرير التدريجي لأسعار السلع المستوردة، ففي أيلول من العام الماضي حرر «صيرفة» من أعباء تمويل المازوت، وفرض على «الطاقة» إصدار التسعيرة مرتين في الأسبوع بالليرة اللبنانية وفق سعر السوق الحرة.
عملياً، ازداد طلب التجار والمستوردين على دولار السوق بالتوازي مع خفض التمويل تدريجياً، ما يعني أن سلامة أعاد توجيه الطلب على الدولار من «صيرفة» إلى السوق بقيمة تقدّر بنحو 200 مليون دولار شهرياً. وبذلك ساهم بتحفيز ارتفاع أسعار الدولار، التي «سنشهد صعوداً إضافياً فيها الأسبوع المقبل مع زيادة حجم الطلب على الدولار بالتزامن مع وقف صيرفة نهائياً» بحسب النقيب السابق لخبراء المحاسبة أمين صالح.
ويشير صالح إلى أن هذا المسار ينطوي على تضخّمين؛ الأول في أسعار الدولار، والثاني في أسعار المحروقات حكماً طالما أنها ستحتسب على الدولار. أبعد من ذلك «ارتفاع أسعار المحروقات سينعكس على الدورة الاقتصادية، لارتباط المادة الحيوية بالمواصلات، ونقل البضائع والإنتاج الصناعي... وكافة القطاعات الاقتصادية التي ستصيبها آثار التضخم مع ارتفاع مؤشّرات كافة الأسعار». إضافة إلى ذلك «تتراجع القوة الشرائية للمداخيل، واستحواذ إنفاق الأسر على المحروقات على الحصة الأكبر من الرواتب، وذلك على حساب الغذاء والسكن والتعليم...». يختصرها صالح بـ«حلقة التضخم الجهنمية»، مستخلصاً أن «إنهاء دعم البنزين سيشكّل واحداً من العوامل المؤدية إلى انكماش وركود الاقتصاد نظراً لحيوية المادة».
أورور فغالي: سنصدر يومياً جدولين لسعر مبيع صفيحة البنزين إذا تقلّب سعر الدولار بأكثر من 500 ليرة
الاستقرار في توافر مادة البنزين بعد تسعيرها سنداً لدولار السوق، ليس حتمياً. فالأمر مرتبط بمدى توافر الدولارات في السوق، ومدى التسارع في ارتفاع سعر الصرف. لكن، إلى جانب ما يمكن أن يحصل، هناك أزمة جديدة تتصاعد مع تآكل جعالات أصحاب المحطات. هؤلاء سيدفعون كامل سعر البنزين على سعر دولار السوق الحرّة الآخذ بالارتفاع، في حين أن المحطات تحصل من كل صفيحة على ما يعادل 5% من سعرها، وفق فغالي. قسم من أصحاب المحطات المملوكة من أفراد، أو شركات صغيرة غير مستوردة للنفط، يهددون بإقفال أبوابهم إذا لم تعدّل وزارة الطاقة قيمة الجعالة، وهو الأمر الذي يشكل مدار بحث ونقاش بين الطرفين، تجنباً لقرار وقف البيع، وعودة الطوابير.