ابتداءً من شهر أيلول المقبل، سيسدّد طلاب الجامعة الأميركية في بيروت أقساط فصل الخريف 2022/2023 على التسعيرة "المدولرة" الجديدة. 60% من قسط الطلاب القدامى بالدولار، و40% على سعر صرف 8000 ليرة للدولار الواحد في بداية العام الجامعي 2022 ـ 2023، ويرتفع إلى 80% بالدولار في العام الذي يليه، وصولاً إلى الـ 100% بالدولار في العام المقبل، فيما يسدّد الطلاب الجدد أقساطهم كاملة "بالفريش" دولار. "السهام" التي رمتها "الأميركية" منذ شهرين لن تصيب "الكوكتيل الاجتماعي" بالطريقة ذاتها، ستحرق بعض الطلاب، وستمرّ كالنسمة الناعمة على البعض الآخر.

الإدارة تشكو
في 11 حزيران عام 2021، أخبرت الجامعة الأميركية في بيروت طلابها عبر رسائل إلكترونية أنها حصلت على 150 مليون دولار دعماً خارجياً سيكفيها للسنوات الثلاث القادمة، ما جعل الطلاب يتوقعون أنه لن تكون هناك زيادة ثانية على الأقساط خلال هذه الفترة (كانت تحتسب على سعر صرف 3900 ليرة للدولار الواحد). لكنهم فوجئوا، خلال الاجتماع الذي دعتهم إليه الجامعة في 28 نيسان الماضي، برئيس الجامعة فضلو خوري يخبرهم "أننا في أزمة اقتصادية والـ 150 مليون دولار قد صرفت"، مطمئناً إلى "زيادة المساعدات المالية بعد الحصول على 90 مليون دولار"، كما ينقل باسل، طالب إدارة أعمال سنة ثانية، الذي حضر الاجتماع.

(هيثم الموسوي)

برّر خوري قرار زيادة الأقساط الأخير شاكياً من الأزمة الاقتصادية التي تزيد من خسائر الجامعة وتهددها بالإفلاس. وعرض تراجع العدد الإجمالي للطلاب من 9.502 في صيف عام 2019 إلى 6.025 في صيف عام 2022، ما يعني خسارة الجامعة ربع طلابها (25.3%)، "لكنه لم يحك عن استثمارات الجامعة في قبرص ولا عن إعادة تأهيل المباني، كما وعد في الختام بألّا يغادر أيّ طالب الجامعة لأسباب مالية إلا أنه لم يعرض علينا خطة واضحة لتطبيق ذلك".

لا احتجاجات
يرى عدد من الطلاب، تجمّعوا تحت اسم الائتلاف الطلابي، أن "الجامعة ليست مفلسة ويمكنها تسيير شؤونها من دون أن تخنق الطلاب وأهاليهم، وذلك نتيجة للدعم الكبير والمباشر والمتواصل الذي تحصل عليه من الولايات المتحدة الأميركية". ويشيرون في بيان إلى أن "الطلاب أمام خيارين: إما التخلي عن الانقسامات والتوحد في وجه قرارات الجامعة لاسترجاع حقنا في التعليم، أو نكتفي بالتذمر وننظر إلى الجامعة تأخذ جنى عمر أهالينا". كان مقرّراً أن يُتلى البيان في تحرّك لم يحصل "لمعرفتنا المسبقة أن الحشد سيكون هزيلاً مثل المرات التي سبقت، وبالتالي لن يضغط على الجامعة"، بحسب باسل، أحد أعضاء الائتلاف، الذي يتحدّث عن أربعة أسباب للتوقف عن تنظيم تحركات احتجاجية ضد "دولرة" الأقساط: "فقدان الأمل بأهميتها، الخوف من خسارة المنح، عدم اكتراث البعض لأمر الزيادة وعدم تجاوب الأندية في الجامعة".
لم تتغيّر الأقساط كما هي محددة بالدولار الأميركي. ما اختلف هو على أيّ سعر صرف سيحتسب الدولار. على سبيل المثال، القسط السنوي لطالب هندسة يبلغ 35100$ ما يساوي، قبل الأزمة 52.650.000 ليرة. الزيادة الأولى حددت سعر صرف الدولار 3900 ليرة، فصار القسط يساوي 136.890.000 ليرة. أما مع الزيادة الأخيرة، فعلى طالب الهندسة، إن كان من القدامى، أن يسدد 112.320.000 ليرة، إضافة إلى 21.060$ في العام المقبل، و56.160.000 ليرة إضافة إلى 28.080$ في العام الذي يليه، وبعدها يسدد 35.100$ مهما بلغت قيمة الدولار.

ضياع الطلاب
قبل تطبيق القرار الأخير، أصدرت الجامعة قراراَ مباغتاً باستيفاء الرسوم التعليمية على سعر صرف 8000 ليرة للدولار الواحد، وذلك في منتصف فصل ربيع 2022. واستهدف القرار الطلاب الذين تأخروا في تسديد رسوم هذا الفصل فقط. أما من سدّد القسط قبل صدور القرار فأعفي من هذه الزيادة. محمد، طالب هندسة، سنة ثانية، "أكل الضرب"، يقول، لأنه "تأخر في الدفع فسدّد 16 مليوناً بدلاً من 8 ملايين ليرة". هو من الطلاب المتعثرين في الدفع، يشعر بالضياع: "هل أقدّم على منحة للتعليم في الخارج أم أبحث عن جامعة أخرى تكون أقساطها مقدوراً عليها". يحصل على جزء كبير من مصاريفه التعليمية من أحد أقربائه، "لكنني صرت أخجل أن أطلب منه هذه المبالغ الطائلة".
لم تعرض الإدارة أيّ خطة تحمي الطلاب المتعثّرين مالياً


حال محمد كحال كثيرين في الجامعة ممّن حصلوا على منحة للتعليم وصارت تغطية الفرق اليوم مستحيلة بالنسبة إليهم. منهم من غادر الجامعة، ومنهم من ينتظر بتّ المساعدة المالية ليحسم خياره، ومنهم من يشعر بالعجز ويصعب عليه أخذ القرار قبل أيلول المقبل. لكن، في المقابل، هناك من لا يشعر بأيّ صعوبة في الدفع ولا يعرف حجم الأقساط أصلاً، مثل يوسف، سنة ثانية في كلية العلوم، الذي يحصل على الأقساط مهما بلغت قيمتها من عائلته التي تقطن في الخارج. ليس متابعاً جيداً لقرارات الجامعة، لكنه يرى "الزيادة محقّة نظراً إلى الأزمة الاقتصادية الخانقة"، يضرب مثلاً: "أسعار المازوت لتشغيل الجامعة صارت بالدولار"، ثم يغالط الطريقة "الصادمة" و"المفاجئة" التي جرت فيها الزيادة!