وفي هذا الإطار، اعتبر رئيس دائرة شؤون اللاجئين، أحمد أبو هولي، أن مخطّط التفويض «يحمل أبعاداً سياسية لتصفية الوكالة وحق العودة، ولا سيما أنه ليس من صلاحيات لازاريني أن يطرح حلولاً لمعالجة العجز المالي، كما أنه لا يمتلك تفويضاً لنقل صلاحيات الأونروا إلى منظّمات دولية أخرى تحت شعارات الشراكات والتآزر». وأوضح القيادي في «حركة الجهاد الإسلامي»، أحمد المدلل، من جهته، أن هدف الفعاليات التي تقودها «اللجنة العليا لمتابعة شؤون اللاجئين»، «التشديد على ربط بقاء الأونروا باستمرار أزمة سبعة ملايين لاجئ، لديهم الحق بموجب القوانين الدولية في العودة إلى مدنهم التي رُحّلوا منها». ويقول المدلل، في حديثه إلى «الأخبار»، إن «رفضنا لتفويض عمل الأونروا لمؤسّسات بديلة، دافعه هو أن خطوة كتلك تُحوّل الوكالة إلى دور المشرف، لا المؤدّي للدور المسؤولة عنه، إذ سيساهم ذلك في تعدّد الجهات المسؤولة عن حقوق اللاجئين، وتعدّد الأزمات التي يمكن أن تعصف بها أيضاً، ما يقود أخيراً إلى أن يصبح اللاجئ بلا عنوان مسؤول عنه».
وفي الاتّجاه نفسه، يضع القيادي في «الجبهة الشعبية»، ماهر مزهر، مجمل سلوك «الأونروا» في السنوات الأخيرة، في إطار «التمهيد لوقف عملها»، معتبراً أن «المؤشّرات الحالية تُنبئ بمستقبل ضبابي لعمل الوكالة، علماً أن سلسلة التقليصات بدأت منذ خمس سنوات، بإنهاء تعاقد مئات الموظفين بذريعة الأزمة المالية، وامتدّت لتُطاول نوعية الخدمات وكمّية المساعدات، وصولاً إلى بدء التمهيد لخطوات من شأنها أن تَحصر دور الأونروا في إطار خدماتي إغاثي، خالٍ من المضامين السياسية، وهي الأهمّ وطنياً». ويبيّن مزهر، في حديثه إلى «الأخبار»، أن «فكرة التفويض تعني الدخول إلى مربّع المشاريع المؤقتّة، أو المحدودة في إطار زمني؛ مثلاً، يمكن أن تُوكل المهام الصحّية إلى منظّمة ما، ثمّ تُطالعنا لاحقاً بوقف خدماتها بسبب انتهاء فترة المشروع».
أصداء الاحتجاجات الشعبية في غزة وصلت إلى اجتماعات اللجنة الاستشارية لـ«الأونروا»
أصداء الاحتجاجات الشعبية في غزة وصلت إلى اجتماعات اللجنة الاستشارية لـ«الأونروا»، والتي عُقدت في بيروت منتصف الشهر الجاري، وخُصّصت لمناقشة القضايا الاستراتيجية المتعلّقة بمستقبل الوكالة. وبحسب المدلل، فإن المفوّض العام لـ«الأونروا» في الأراضي الفلسطينية نقل الرسائل الشعبية ومواقف فصائل المقاومة التي «قدّمناها له في عدّة لقاءات» إلى المشاركين في تلك الاجتماعات. وعقب ذلك، قدّم لازاريني رؤى تفصيلية، «يمكن مناقشتها»، حول إمكانية أن تكون الجهات التي سيجري تفويض عمل بعض الخدمات إليها، عاملةً تحت مظلّة الأمم المتحدة، مثل تحويل السلّة الغذائية إلى «برنامج الأغذية العالمي»، ونقل خدمات الرعاية الصحّية إلى «منظّمة الصحّة العالمية»، والرعاية بالأطفال وصحّتهم النفسية إلى «اليونيسف»، وخدمات التعليم إلى «اليونسكو».
وعلى رغم أن تصفية «الأونروا» بحاجة إلى قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلّا أن المختصّ في شؤون اللاجئين، خالد السراج، وإن كان يرى أن خطوة كهذه لن تكون سهلة، يَعتبر أن ذلك ليس مستحيلاً، خصوصاً في ظلّ وجود مندوب إسرائيل في منصب نائب رئيس الجمعية العامة للمنظّمة الدولية. ويَلفت السراج، في حديث إلى «الأخبار»، إلى أن «ما يحدث منذ سنوات على صعيد تقليص خدمات ووظائف الوكالة، يتّخذ سمة التدريج، بدءاً من تقليص كمّية المساعدات الغذائية ونوعيتها، مروراً بتقليص الوظائف ومساحات وتخصّصات الخدمات الطبية، وصولاً إلى التمهيد لقرارات تحمل معاني سياسية أكثر خطورة». ويضيف أن «مكمن القلق يطال الوظيفة السياسية التي تُصنَّف فيها الأونروا، وهي المحافظة على حضور المسؤولية الأممية تجاه النكبة، فيما اقتصار الحديث على الأمور اللوجستية يعني نقل الوكالة إلى منظّمات وسيطة تتلقّى الدعم وتقدّم خدمات، وهنا بيت القصيد».