جنين | يوماً بعد يوم، تزداد رمزيّة العلم الفلسطيني أهمّية في الضفة الغربية المحتلّة، في تحوّل قد يكون غير مسبوق منذ الانتفاضة الأولى، وبعدما ظلّت هذه الرمزية، عقب قرار دونالد ترامب الاعتراف بالقدس «عاصمة» لإسرائيل، محصورة بالمدينة المقدّسة، إلى جانب الداخل المحتلّ لاحقاً. وتشهد العديد من مناطق الضفة، على رغم انتهاء «مسيرة الأعلام» الإسرائيلية، مواجهات متنقّلة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، على تلك الخلفيّة نفسها، فيما تكاد عمليات إطلاق النار تجاه جنود العدو لا تنقطع، بل إن محاولات لزيادة وتيرتها وإدخال أسلحة جديدة على خطّها تُسجَّل على نحو فارق وملحوظ
على رغم انتهاء «مسيرة الأعلام» الإسرائيلية في بداية الأسبوع، إلّا أن منسوب التصعيد في الضفة الغربية لا يزال مرتفعاً بخلاف التوقّعات، في ظلّ توسُّع عمليات التصدّي للمستوطنين وامتدادها إلى مناطق جديدة، إضافة إلى ثبات ملحوظ في حوادث إطلاق النار ضدّ أهداف إسرائيلية، بل ومع بروز محاولات لزيادتها وإدخال أسلحة جديدة على خطّها. وخلال اليومَين الماضيَين، امتدّت هذه المواجهات إلى شرق قلقيلية، بعد أن كانت تتركّز في جنوب نابلس، حيث تصدّى الفلسطينيون لمستوطنين حاولوا إزالة الأعلام الفلسطينية في قرى الفندق، عزون، وعزبة الطبيب قرب قلقيلية، ما أدّى إلى إصابة ثلاثة فلسطينيين بالرصاص الحيّ وآخر بالرصاص المطّاطي، بينما أصيب مستوطن بجروح، بعدما أبرحه الشبّان ضرباً في الفندق.
كذلك، تُدلّل إحصائية لـ«الأخبار» على استمرار ارتفاع معدّل إطلاق النار تجاه جيش العدو وحواجزه في الضفة؛ إذ وقعت 7 عمليات من هذا النوع منذ انتهاء «مسيرة الأعلام» الإسرائيلية، ثلاث منها في جنين ومحيط مخيّمها. كما أطلق مقاومون النار على حاجزَي حوارة وبيت فوريك قرب نابلس، فيما استُهدفت آليات لجيش العدو خلال تنفيذها اعتقالات في مدينة نابلس. أمّا آخر الحوادث اللافتة فكان قرب قرية دير الحطب شرق نابلس، حيث خاض مقاومون اشتباكاً مسلّحاً مع قوّة راجلة إسرائيلية في محيط مستوطنة «ألون موريه»، وانسحبوا من المنطقة، في تطوُّر هو الأوّل من نوعه في المكان منذ سنوات طويلة. ولربّما يشي الموقع الجغرافي (قرى شرق نابلس) للواقعة، بانتهاج مقاومي نابلس أسلوب توسيع دائرة الاشتباك، بعد أن كانت تقتصر على حاجزَي بيت فوريك وحوارة ومحيط قبر يوسف وما حوله فقط. وأفادت «القناة 14» العبرية، صباح أمس، بأن أكثر من 12 هجوماً فلسطينياً ضدّ أهداف إسرائيلية سُجّلت خلال 12 ساعة في الضفة الغربية، من بينها محاولة تنفيذ عملية طعن في البلدة القديمة في الخليل، وإلقاء حجارة وزجاجات حارقة. ووفق معطيات حصلت عليها «الأخبار»، فإن 15 عملية إطلاق نار وقعت في الضفة خلال أربعة أيام (منذ بداية الأسبوع الجاري وحتى عصر أمس)، و10 عمليات إلقاء قنابل مصنّعة محلّياً وُثّقت في الفترة المذكورة نفسها.
تُدلّل إحصائية لـ«الأخبار» على استمرار ارتفاع معدّل إطلاق النار تجاه جيش العدو وحواجزه


في غضون ذلك، أقدم جنود العدو، صباح أمس، على قتل الشابة غفران الوراسنة قرب مخيم العروب في الخليل، بعد محاولتها تنفيذ عملية طعن، بحسب بعض المواقع الإعلامية العبرية. والوراسنة (31 عاماً) حاصلة على شهادة الصحافة والإعلام قبل سنوات، وتدرّبت في عدد من وسائل الإعلام المحلّية، وقُتلت في اليوم نفسه الذي كانت متوجّهة فيه إلى أوّل عمل لها في إذاعة «دريم» المحلية في الخليل. وفي مشهد منسوخ طبق الأصل من مشهد قمع العدو لموكب تشييع جثمان الصحافية، شيرين أبو عاقلة، ألقى جنود الاحتلال قنابل الغاز والصوت على موكب تشييع الوراسنة قرب مخيم العروب، لكنّ الفلسطينيين تمكّنوا من إدخال الجثمان إلى المخيم لتوديعه.

عودة «كابوس العبوات الناسفة»؟
خلال اليومَين الماضيَين، وقع تطوّر دراماتيكي لم تفصح عنه إسرائيل أو جهاز أمنها العام «الشاباك»، ويتعلّق بمحاولة مقاومين تنفيذ عملية بعبوة ناسفة واحدة على الأقلّ. وبحسب مصادر متطابقة تحدّثت إلى «الأخبار»، فإن الواقعة جرت قرب المدخل الغربي لمدينة نابلس، وتحديداً عند بوّابة عسكرية ينصبها العدو قرب بلدة صرّة مساء الإثنين الماضي (6:00 مساء)، حيث أوقف الجنود مركبة فلسطينية، واعتقلوا شابَّين من داخلها، ثمّ أحضروا «روبوت» مع وحدة هندسة المتفجّرات، وبعد نصف ساعة من الفحص، فجّر الجيش عبوة ناسفة قرب المركبة الفلسطينية. وعلمت «الأخبار» أن العدو اعتقل في هذه الحادثة شابَّين ينتميان إلى حركة «الجهاد الإسلامي»، أحدهما من مخيم جنين والآخر من القرى المجاورة. وعلى الرغم من التكتُّم الإسرائيلي حول الحادثة، وتعدُّد التكهّنات بشأنها، إلّا أنها تشكّل تطوّراً خطيراً يتمثّل في محاولة إدخال العبوات الناسفة إلى دائرة الاشتباك.



رفض فلسطينيّ لتغيير مهمّات «الأونروا»
رفضت الفصائل الفلسطينية المقترحات التي يحاول المفوض العام لـ«وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين»، فيليب لازاريني، تمريرها، عبر نقل بعض مهام الوكالة إلى هيئات أممية أخرى من بينها «المفوضية السامية للاجئين»، معتبرةً هذه الخطّة نذير شؤم بخصوص مستقبل «الأونروا» وبقائها. وذكّر مسؤول ملفّ اللاجئين في حركة «الجهاد الإسلامي»، أحمد المدلل، بأن «الأونروا» منذ تأسيسها بقرار أممي «هي صاحبة الولاية الكاملة للقيام بدورها في إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين حتى يعودوا إلى ديارهم». وشدّد المدلل على أن المطلوب من المفوض العام «الضغط في اتّجاه تحديد ميزانية مستدامة، يتمّ إقرارها من الأمين العام للأمم المتحدة، حتى يتمّ تجاوز الأزمات المالية التي تمر بها الوكالة». من جهته، اعتبر عضو المكتب السياسي لـ«الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين» ومسؤول دائرة «الأونروا» فيها، فتحي كليب، أن الحديث عن الشراكات «ليس مجرّد اقتراحات، بل مشاريع تتحرّك في الميدان، كجزء من سلّة حلول لمعالجة الأزمة المالية، قبل أن تحلّ هذه المنظّمات تدريجاً مكان الأونروا، تمهيداً لإلغائها». في المقابل، ردّ المستشار الإعلامي للوكالة، عدنان أبو حسنة، على تلك المواقف بأن «الأونروا باقية، والتفويض سيُجدَّد في شهر كانون الأول من هذا العام»، لافتاً إلى أن «المفوض يقوم بجهود جبّارة من أجل جلب التمويل»، في ظلّ ما تعانيه الوكالة من عجز تبلغ قيمته 100 مليون دولار. وقال أبو حسنة إن «الحديث يدور عن تطوير شيء تمارسه الوكالة منذ أكثر من 70 عاماً»، مشيراً إلى «(أننا) نتعاون مِن قَبل مع منظمة الصحة العالمية واليونيسكو والغذاء العالمي».
(الأخبار)