منذ الموسم الأول لوجوده في دوري الدرجة الأولى خلق شباب البرج حالةً خاصة في ميادين كرة القدم. وقتذاك لم يخض سوى 3 مباريات فائزاً في واحدة وخاسراً في اثنتين، قبل أن يتوقّف موسم 2019-2020 بسبب الأحداث التي شهدها الشارع اللبناني وما تلاها من وضعٍ صحي عرفته البلاد إثر تفشي وباء «كورونا» بقوة.إحدى هذه المباريات كانت أمام البرج، وقد خسرها من دون أن يترك انطباعاً سيّئاً، بل ترك قصةً جديدة للمتابعين وهي تتحدث عن «دربي» في منطقة برج البراجنة حامي الوطيس ويحمل كل أنواع المواجهات الحساسة التي تعرفها كرة القدم غالباً بين الفرق التي تنتمي إلى منطقةٍ واحدة.
تلك المناسبة لم تكن وحدها النبأ الجيّد للكرة اللبنانية، ولا حتى ظهور مشجعين للفريق الأصفر في ملاعب لبنان، بل إن الحكاية كانت أجمل في الموسم التالي عندما أكد شباب البرج حضورهم الجيّد في أوّل موسمٍ كاملٍ لهم في الدرجة الأولى، محققين 6 انتصارات و5 تعادلات مقابل 5 هزائم في 16 مباراة خاضوها في الدوري العام، مسجلين 22 هدفاً مقابل 14 دخلت مرماهم.
بقيادة المدرب يوسف الجوهري الذي خلف مدرب الإخاء الأهلي عاليه الحالي حسين حمدان، شكّل شباب البرج علامةً فارقة بنتائجه اللافتة وأيضاً عبر المواهب التي جمعها ومن ثم قدّمها بتوليفة جميلة، وذلك رغم التشكيك الدائم بقدرات هذا الفريق وإمكانية صموده بين الكبار. هي مسألةٌ تناولها جمهور الغريم البرج تحديداً، وهو الفريق الأعرق في المنطقة الذي رفض اقتران اسم برج البراجنة بأي فريقٍ آخر، فكانت مناداتهم الدائم لجارهم الحديث العهد بالنسبة إليهم باسم الإرشاد، وهو النادي الذي استحصل منه شباب البرج على الرخصة الرسمية قبل أن يتسلّق سلّم الدرجات وصولاً إلى الأولى.
مباراةٌ واحدة مؤجلة أمام الأنصار كانت متبقية لهذا الفريق لاختتام مشواره في الموسم الحالي بعد خوضه 20 لقاءً (3 منها مع المدرب محمد ناصر والبقية مع الجوهري) فائزاً في 6 منها مقابل 10 تعادلات و4 هزائم فقط (سجّل 23 هدفاً ودخل مرماه 38). لكن هذه المباراة لن تقام بعدما تقدّم النادي بكتابٍ رسمي إلى الاتحاد اللبناني لكرة القدم معلناً انسحابه من البطولة، الأمر الذي أدى إلى إلغاء هذه المباراة وشطب كافة نتائج الفريق وتغريمه بمبلغ 12 مليون و500 ألف ليرة لبنانية.
سفر الرئيس وعقوبة «الفيفا» ووضع البلاد دفعت بشباب البرج إلى الانسحاب من الدوري


خطوة قد لا تكون مفاجئة بالنسبة إلى متابعي هذا النادي عن كثب، إذ بدايةً جرى حديث على نطاقٍ واسع بأن شباب البرج في طريقه للاندماج بـ«شقيقه الأكبر» لتوحيد الصفوف وخلق فريقٍ أقوى فنياً. هي فكرة سبق أن أشار إليها الرئيس الفخري للبرج فادي ناصر، لكنها لم تسلك طريقها إلى التنفيذ لأسبابٍ مختلفة. كما أن إمكانية انسحاب الفريق كانت حاضرة منذ فترة بعدما ذكر رئيس النادي نادر علامة في مجالس ضيّقة بأنه قد لا يكون حاضراً لتأمين ما يلزم للنادي كما هي الحال على اعتبار أنه سينتقل للعيش والعمل في الولايات المتحدة.
وجاءت الطامة الكبرى عندما وقّع الاتحاد الدولي للعبة «الفيفا» على شباب البرج عقوبة تعويض المهاجم الإيفواري السابق للفريق كريست ريمي لورونيون الذي كان قد تقدّم بشكوى على النادي، فكان المبلغ المطلوب كبيراً ويتجاوز الـ40 ألف دولار أو أي مبلغٍ يمكن أن تتحمله خزينة الفريق، فكان قرار الانسحاب المرير.
قرارٌ أثار الغرابة أكثر عندما انتشرت أخبار عن إمكانية حدوث دمج بين شباب البرج والصفاء، الذي نجا عملياً الآن بعد هبوطه في الملعب إلى الدرجة الثانية بفعل انسحاب الأول من البطولة، ليكسب الدوري مجدداً عميد الأندية اللبنانية في الدرجة الأولى، ويخسر المفاجأة السارّة أو ما سُمّي بالحصان الأسود طوال موسمين.
لكن المصادر البرجية تنفي نهاية مسيرة النادي بل بحسب قولها سيستمر كمشروعٍ هادفٍ لأبناء المنطقة عبر الحضور في الدرجة الثانية التي أُسقط إليها أمس بالقرار الاتحادي الصادر بعد قبول كتاب الانسحاب، على أن يكون ما سُمّي بالدمج مع نادي الصفاء محدداً وفق أُطرٍ معيّنة ستكون مفيدة للناديين، وهي بلا شك ستكون أكبر بالنسبة إلى الصفاويين الذين يحتاجون إلى عمقٍ أكبر في تشكيلتهم المحدودة الخيارات، وهو ما يمكن أن يؤمّنه الفريق المنسحب من خلال مجموعة اللاعبين المميّزين الذين وقّعوا على كشوفاته في الموسم الحالي.