على الرغم من الظروف الصعبة التي يعيشها العراق على الصعيدين الأمني والسياسي، وما يمكن أن يفتحه الإعلان عن تشكيل حكومة إنقاذ وطني من أبواب حلحلة جزئية للأزمة، تصطدم هذه الخطوة برفض قاطع من رئيس الوزراء نوري المالكي الذي وصف الدعوات إلى تشكيل حكومة إنقاذ وطني بأنها «انقلاب على الدستور»، منتقداً حديث أطراف وشخصيات سياسية عن أن الأوضاع في العراق قد اختلفت بعد أحداث محافظة نينوى، ووصفها بأنها «محاولة لتحقيق مكاسب سياسية».
وقال المالكي، في كلمته الأسبوعية أمس، إن الدعوات إلى تشكيل حكومة إنقاذ وطني ليست سوى «محاولة للمتمردين على الدستور للقضاء على التجربة الديموقراطية، ومصادرة آراء الناخبين والالتفاف على الاستحقاقات الدستورية»، مشيراً إلى أن «ما يعانيه شعبنا وأهلنا في محافظات نينوى وصلاح الدين والانبار وديالى هو إحدى الثمار الصفراء بجهود بعض الشركاء السياسيين الذين لم ينفكوا يوماً، وعلى مدى السنوات الماضية، عن سياسة إضعاف القوات الأمنية». وتابع «يتذكر الجميع كيف كان هؤلاء الشركاء يطالبون بإلحاح بعض الدول الصديقة للعراق بعدم تزويد القوات الأمنية بالأسلحة والمعدات العسكرية اللازمة وهي تتصدى بالنيابة عن جميع العراقيين للعصابات الإرهابية».
واتهم المالكي بعض الشركاء بدعوة عدد من الدول إلى عدم تزويد القوات الأمنية بالأسلحة، وهي تتصدى بالنيابة عن جميع العراقيين للإرهاب. وفي ظل هذه الظروف لم نسمع من هؤلاء الشركاء أي دعم إعلامي أو سياسي، بل هم شركاء في اقتسام الغنيمة وليس الأزمات وهموم البلد».

دعا الصدر إلى ميثاق وعهد بين السنّة والشيعة لاستنكار «الإرهاب»


كذلك، كان لزعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر قول في ما يخص تشكيل الحكومة، فدعا أمس إلى الإسراع في تشكيل الحكومة الوطنية بوجوه جديدة ومن كافة الأطياف، كما دعا إلى ميثاق وعهد بين سنّة العراق وشيعته لاستنكار «الإرهاب»، فيما رفض زج التنظيمات «الإرهابية والبعثية الصدامية» في هذا الحوار مع عدم إقصاء السنّة.
وقال في كلمة متلفزة وجهها إلى الشعب العراقي، إن «على الحكومة التعهد بتلبية المطالب السلمية المشروعة لسنّة العراق المعتدلين، الذين عانوا التهميش والإقصاء»، داعياً إلى «استنكار موحّد من قبل سنّة العراق وشيعته للتنظيمات الإرهابية من هنا وهناك، وأن يكون ميثاقاً وعهداً بينهم». كذلك شدد على «الأطراف الخارجية، لا سيما قوى الاحتلال والدول الإقليمية، رفع يدها عن التدخل في العراق وشؤونه»، مطالباً «بتوفير دعم دولي من الدول غير المحتلة لجيش العراق، لضمان استمرار محاربة الإرهاب وإنهائه».
وأكد على «عدم زج الميليشيات الوقحة»، لافتاً إلى أن «لها «باعاً في تفتيت العراق وزعزعة الامن».
من جهته، أعلن النائب عن كتلة الأحرار، التابعة لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، أمير الكناني أمس، فشل اللجنة المكلفة من التحالف الوطني في الاتفاق على تسمية مرشح لرئاسة الحكومة العراقية المقبلة. وقال إن «اجتماعاً عقد أمس الثلاثاء للجنة، لكنه فشل بسبب تمسك ممثل ائتلاف دولة القانون في اللجنة، طارق نجم، بترشيح المالكي لمنصب رئاسة الوزراء». وأوضح أن كتل الائتلاف الوطني (كتلة الأحرار وكتلة المواطن) أبلغت ممثل دولة القانون في اللجنة رفضها ترشح المالكي لدورة رئاسة ثالثة، وضرورة تقديم مرشح بديل.
وقد برز موقف التحالف الكردستاني الرافض لتولي المالكي رئاسة الحكومة بشكل أكثر وضوحاً، على خلفية الأحداث الامنية في محافظات ديالى وصلاح الدين ونينوى.
ويرى التحالف، الذي يوصف بـ«بيضة القبان» في تشكيل الحكومات، أن فرص حصول المالكي على الولاية الثالثة باتت ضئيلة. وقال نائب رئيسه، محسن السعدون، إن «المتوقع أن تشكيل الحكومة المقبلة لن يستغرق وقتاً أطول»، لافتاً إلى أن «التحالف الكردستاني سيدرس المواقف وسيبني تصوراته بشأنها».
وبشأن إمكان قبول الأكراد بالتحالف مع الائتلاف الوطني لدعمه في تشكيل الحكومة المقبلة، بدلاً من ائتلاف دولة القانون، أشار السعدون إلى أن «التحالف الكردستاني سيطلع على مرشح التحالف الوطني لرئاسة الحكومة، وسنعقد اجتماعات مع الائتلاف الوطني للاتفاق على توزيع مناصب الرئاسات الثلاث».
في غضون ذلك، أعلن نائب رئيس الجمهورية خضير الخزاعي، خلال لقائه مساعد وزير الخارجية الأميركي بريت ماكورك، والسفير الأميركي في بغداد روبرت ستيفن بيكروفت، أنه سيصدر مرسوماً جمهورياً لدعوة مجلس النواب الجديد إلى الانعقاد، مؤكداً أن «رئاسة الجمهورية ملتزمة بالمسار السياسي والديموقراطي للعملية السياسية في البلاد والتوقيتات الدستورية».
إلى ذلك، قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أمس، إن الحكومة في العراق فشلت على مدى سنوات في دمج وجهات نظر كل الجماعات في البلاد، وإنه يجب الضغط عليها حتى تفعل ذلك.
وقالت في كلمة أمام البرلمان «نحتاج إلى حكومة في العراق تتبنى كل مكونات الشعب... على مدى سنوات لم يحدث هذا وبسبب هذا يجب زيادة الضغط»
(الأخبار، أ ف ب، الأناضول)