«لماذا المقاومة» غني بأرشيف من الصور والمشاهد التي صُوّرت في مخيمات اللاجئين
«لماذا المقاومة»
عام 1970، انطلق كريستيان غازي ونور الدين شتي للقاء عدد من الشخصيات السياسية العربية، خصوصاً تلك الفلسطينية المقيمة في لبنان. والنتيجة فيلم «لماذا المقاومة؟» (1971). هنا، نتعرّف إلى هوية وأفكار غازي كما هوية كلّ من قابلهم في الفيلم. إذ التقى غازي كلاً من غسان كنفاني، صادق جلال العظم، نبيل شعث وغيرهم من وجوه الثورة الفلسطينية. في ساعة واحدة، تطرّق المخرج والمناضلون إلى تاريخ الثورة الفلسطينية. كما رجعوا في التاريخ، إلى الإضرابات المتعدّدة والتظاهرات الشعبية التي حصلت في فلسطين منذ بداية الاحتلال العثماني، مروراً بالاستعمار البريطاني قبل أن يقوم الكيان الصهيوني باحتلالها عام 1948.
من خلال عنوان الفيلم، يسأل غازي عن المقاومة، عن تاريخها ونضالاتها وأهميتها، يحلّل أهداف النضال الفلسطيني. يؤكّد جميع من حاورهم على ضرورة وجود فلسطين محرّرة وديموقراطية، والدفاع عنها بالسلاح. «لماذا المقاومة» غني بأرشيف من الصور والمشاهد التي صُورت في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين. رسم لنا غازي خريطة فلسطين وحدّد من خلالها كيف طُرد الفلسطينيون من ديارهم، أكان من خلال البرّ أو البحر. يحمل الفيلم تقاليد السينما المسلّحة (البديلة أو الثالثة) في لبنان، يبني من خلاله روح النضال الفلسطيني، ويسأل كيف أنه من خلال قراءة الماضي نعرف ما يحصل في الحاضر.

نرى ونسمع كنفاني والعظم وشعث، يتحدثون الإنكليزية بوجوه ثابتة، بينما الكاميرا تتحول إلى حيطان مكاتبهم المملوءة بصور المناضلين والثوار العالميين. كلامهم دقيق، يعرفون تاريخهم وحاضرهم ويعرفون تماماً ما يريدون وكيفية تحقيق هذا. يشدّدون على أنّ قضية فلسطين ليست كما صوّرها العالم آنذاك على أنها قضية لاجئين، بل هي احتلال واجب التخلص منه من خلال الكفاح المسلح. يُعيد غازي والمناضلون من خلال الفيلم، اختراع طرق جديدة للتعامل مع النضالات والتاريخ والذاكرة. يستخدم غازي الشكل الهادئ الذي يخدم المضمون وينسجم معه على الرغم من الغضب والعنف الموجود في الحوارات والكلمات. «مع اقتراب هذا الفيلم من نهايته، في لحظة من تاريخ فلسطين حيث كل شيء يُشير إلى أن دينامية العلاقة بين العرب والقضية الفلسطينية تبدو أنها فقدت الاتجاه الصحيح... المقاومة الفلسطينية تخضع لعملية بحث عن نفسها، بحث عن اتجاه جديد مع التزامها بتحقيق العدالة لأنه فقط من خلال العدالة، يمكن تحقيق السلام» بهذه الكلمات المسموعة بينما نرى أسماء من شارك في الفيلم تظهر على الشاشة، يُنهي كريستيان غازي فيلمه. كان يرى المستقبل من خلال كلمات المناضلين. كل شيء في «لماذا المقاومة»، يجيب على هذا السؤال بينما يكشف غازي مهارات سينمائية ذات طابع مميز وظّفها في خدمة القضية الفلسطينية.
«لماذا المقاومة»: س:20:00 مساء بعد غدٍ الأربعاء ـــ «متحف سرسق» (الأشرفية) ـــ العرض مجاني ـــ للاستعلام والحجز: sursock.museum