برودة لافتة تسيطر على المشهد الانتخابي في دائرة الشّمال الثانية (طرابلس والضنّية والمنية) قبل نحو شهر فقط من يوم الاقتراع. ما اعتاده الطرابلسيون في كل انتخابات نيابيّة أو بلدية، من تنظيم مهرجانات وتعليق صور ويافطات وجولات انتخابية للمرشّحين في الأحياء والأزقّة والبلدات والقرى، يبدو اليوم أثراً من الماضي. والأسباب عديدة، تبدأ من غياب الأسماء الكبيرة عن المسرح الانتخابي في طرابلس ودائرتها، من تيّار المستقبل وصولاً إلى تيار الرئيس نجيب ميقاتي، وصولاً إلى شحّ الأموال مع غياب مرشّحين أثرياء كانوا يضخّون أموالاً، وعدم حماسة غالبية النّاخبين بعدما بات الهمّ المعيشي يتقدم أيّ اعتبار آخر، وضعف الخطاب السّياسي الذي يمكنه شدّ الجمهور وجذب اهتمامه، ورهان البعض على تأجيل الانتخابات في اللحظات الأخيرة، فضلاً عن أجواء شهر رمضان التي تقيّد تحرّكات المرشّحين والنّاخبين.باختصار، المشهد الانتخابي في طرابلس ودائرتها لا يشبه أيّ انتخابات سابقة، ويترجم ذلك في غياب أيّ مهرجان انتخابي في المدينة حتى الآن. فجميع اللوائح التي شُكّلت قبل إقفال باب تأليف اللوائح في 4 نيسان الجاري، أُعلن عنها بصمت داخل منازل أو قاعات أو مطاعم، وفي حضور رمزي للمناصرين، بعدما كان إعلان اللوائح يتم عادة في مهرجانات انتخابية ضخمة يجري الإعداد لها أيّاماً وتُنفق عليها مبالغ طائلة.
يردّ مراقبون هذا كله إلى غياب عنصر المال، إضافة إلى أن غالبية المرشّحين - باستثناء قلّة - يفضّلون ضخّ المال في الأيّام الأخيرة التي تسبق موعد التصويت. لذلك، يُتوقع أن تشهد الحركة الانتخابية نشاطاً أكبر في الأيّام المقبلة، وسخونة بعد انقضاء شهر رمضان. وفي هذا السياق، فإن الأنظار معلّقة على الرئيس ميقاتي تترقب موقفه من دعم لائحة «للنّاس» (تضم المرشّح كريم محمد كبّارة ومرشّحين محسوبين على ميقاتي) لمعرفة المسار الذي سيسلكه، سواء مالياً أو من خلال تحريك ماكينته الانتخابية.
تردّد موقف ميقاتي ردّته مصادر مقربة منه إلى أنّه «لا يريد أن يفتح باب دفع الأموال منذ الآن لكي لا يضطر إلى أن يدفع كثيراً، وهو يفضّل تأخير الدفع إلى الأيّام وحتّى السّاعات الأخيرة التي تسبق يوم الاقتراع». وأوضحت المصادر لـ«الأخبار» أن «ماكينة تيّار العزم شبه جاهزة، وبإمكانها التحرّك بفعالية خلال ساعات عندما يعطيها ميقاتي إشارة الانطلاق».