كما يحصل قبل كلّ استحقاق انتخابي، تعلو صرخة ذوي الإعاقة: «نحن هنا. ومن حقنا أن نشارك في العملية الانتخابية كسائر المواطنين باستقلالية وكرامة». هكذا فعلوا أمس. اجتمعوا في ساحة رياض الصلح للضغط في سبيل تحقيق مطلبهم «المتواضع»: نقل الأقلام إلى الطوابق الأرضية في 40% من مراكز الاقتراع لإزالة العوائق الهندسية التي تعترض حركتهم واستحداث أقلام اقتراع في الملاعب والباحات حيث لا يمكن نقلها إلى الطبقات الأرضية، وتشغيل المصاعد الموجودة في المراكز. اعتصام أمس ستتبعه تحرّكات أخرى في المناطق، للضغط من أجل تحقيق هذا المطلب قبل 20 يوماً على الأقلّ من موعد الانتخابات.
كسر الحواجز
«هناك 80 ألف ناخب معوق يحملون بطاقات إعاقة، يضاف إليهم معوّقون في سنّ الاقتراع لا يحملون البطاقات»، بحسب رئيسة الاتحاد اللبناني للأشخاص المعوّقين حركياً سيلفانا اللقيس. جميعهم يحلمون ببيئة حاضنة بالكامل تسهّل عملية دمجهم في المجتمع وتزيل كلّ الحواجز التي تحول دون ممارسة حقوقهم، ولا سيما السياسية. مع اقتراب موعد الانتخابات والإصرار على تهميش هذه الفئة، «سكرت الدنيا بوجهنا»، تقول اللقيس. وخوفاً من تكرار الصورة «البشعة» التي رسمتها الانتخابات النيابية السابقة لذوي الاحتياجات الخاصة، «اخترعنا شيئاً من لا شيء لنكسر الحواجز التي تعترض حقنا الانتخابي، وفكّرنا بنقل الأقلام إلى الطوابق السفلية كأضعف الإيمان».


راجع اتحاد المقعدين اللبنانيين المسح الميداني الذي أجراه عام 2009 وشمل جميع محافظات لبنان للتعرّف إلى مدى أهلية المراكز الانتخابية لاقتراع الأشخاص المعوقين. و»لاحظنا أن 40% من المراكز هي مدارس رسمية يمكن نقل أقلامها إلى الطوابق الأرضية والملاعب والباحات بسهولة لأنها ملك عام، ما يتيح إمكانية التدخل، ومن دون تكاليف قد تفتح المجال أمام حجج واهية لضرب المقترح»، وفق المهندس في الوحدة الهندسة في الاتحاد بشار عبد الصمد. بهذه الطريقة «يستفيد المعوّق ناخباً ومرشحاً ومندوباً». ويرى عبد الصمد أن «هذا المقترح أفضل من فرز الناخبين وتوزيعهم بما يتناسب مع احتياجاتهم الخاصة والإضافية لأنه يكرّس دمجهم وليس عزلهم».

دور الوزارات
تبنّت وزارة الداخلية والبلديات مقترح الاتحاد، وحصلت على نتائج الكشف على مراكز الاقتراع لتحديد مدى جهوزيتها لاستقبال ذوي الاحتياجات الخاصة الذي أجراه المحافظون أخيراً. ثم طلبت استمهالها للتدقيق فيه. أما وزارة الشؤون الاجتماعية، المسؤولة بالدرجة الأولى عن تحسين أوضاع المعوّقين، «فلم تتجاوب معنا، ورفضت إعطاءنا المعلومات حول مكان قيد وسجل الأشخاص المعوّقين المسجلين لديها حتى تضمن وزارة الداخلية نقل الأقلام إلى الطوابق السفلية في المراكز التي ينتخب فيها المعوّقون»، تقول اللقيس. وتشير إلى دور وزارة التربية والتعليم العالي «بضمان تجهيز الطوابق الأرضية في المدارس يوم الانتخابات»، لافتة إلى أنها «أبدت تعاونها ومدّت وزارة الداخلية بأسماء المدارس التي تتوفر فيها طوابق سفلية جاهزة لتكون أقلام اقتراع».
40 % من المراكز الانتخابية يمكن نقل أقلامها إلى الطوابق الأرضية والملاعب والباحات


صحيح أن هذا المقترح، إذا أبصر النور، لن يحلّ المشكلة بالكامل، ولن يشمل جميع المراكز. لكنه، سيخفف من قساوة ما يتعرّض له الأشخاص المعوّقون خلال ممارسة حقهم الانتخابي. وقد أظهرت نتائج المسح الميداني الذي قام به اتحاد المعوّقين اللبنانيين عام 2009 «الوضع البائس لمجمل المباني المعتمدة كمراكز انتخابية، وبالتالي لمجمل وجهة الاستخدام الأساسية لتلك المباني، لجهة أهلية ارتياد ذوي الإعاقة. فهذه الأماكن الأساسية كالمدارس والبلديات وغيرها من المرافق العامة صُممت بطريقة لا تتلاءم مع تنوع الحاجات». حدّد المسح ستة معايير ومواصفات فنية لحركة الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة والإضافية، هي: موقف سيارة قريب من مركز الاقتراع، مدخل وممرات خالية من العوائق، وجود منحدر، وجود مصعد كهربائي، غرف أو قاعات بعدد مناسب ذات أبعاد وفسحات خالية من العوائق، وجود مرحاض مجهّز بشروط هندسية محدّدة. وتبين ضمن 1737 مركز اقتراع في لبنان وفق الجدول المرفق.