في اليومين الماضيين، احتدم الخلاف بين الحزب التقدمي الاشتراكي من جهة والقوات اللبنانية وحزب الوطنيين الأحرار من جهة ثانية. رشّح «الاشتراكي» رئيس المجلس الاقتصادي - الاجتماعي شارل عربيد على المقعد الكاثوليكي في دائرة الشوف - عاليه، فاصطدم بإصرار حليفيه على ترشيح فادي المعلوف (الأحرار) على المقعد نفسه. تدخّل وسطاء لإقناع الأحرار بالتضحية بالمقعد كي لا يهتز التحالف، فكان ردّ «الشمعونية» أنهم «ضحوا على مدى 30 عاماً وآن الأوان لأن يضحّي الفريق الآخر».اعتقد البعض بدايةً بأن النائب وليد جنبلاط، بإصراره على عدم التنازل لحلفائه عن المقعد الكاثوليكي، كان يناور بسبب رفض القوات دعم مرشحه عن المقعد الماروني في عاليه راجي السعد (ابن شقيق الوزير السابق فؤاد السعد). لكن رغم حل «أزمة عاليه» قبل أسبوعين بموافقة معراب على تجيير المقعد للمختارة، بقيت عقدة المقعد الكاثوليكي بين أخذ ورد وأدّت إلى انقطاع شعرة معاوية بين الفريقين أول من أمس. وبدأ الحديث جدياً عن فك التحالف بين الفريقين، رغم أن قيادة الاشتراكي حاولت «لفلفة» الموضوع، فنفى أكثر من مسؤول اشتراكي وقوع خلاف بين الحلفاء، وأكّد النائب أكرم شهيب لـ«الأخبار» أهمية هذا التحالف الذي «ما زال قائماً للحفاظ على مصالحة الجبل»، مقراً بأن الأمور «لم تحسم بعد مع القوات. هناك أخذ ورد قبل تسجيل اللائحة بشكلٍ نهائي».
لكن، رغم هذه الإيجابية، تفاقم الخلاف بين الطرفين ووصل حدّ تهديد «الثنائي المسيحي» جنبلاط، أمس، بأن التحالف إذا ما اهتزّ فلن يقتصر على دائرة الشوف - عاليه، بل سينسحب على دائرة بعبدا أيضاً. اعتبارات القوات - الأحرار في رفع السقف سببها «أننا لا نريد أن نضحك على الناخبين: إما تحالف كامل أو لا تحالف»، على حد تعبير أمين الداخلية في الأحرار مؤسس «الجبهة السيادية» كميل جوزيف شمعون لـ«الأخبار». وهو ما حصل بالفعل. إذ انفرط عقد الحلفاء صباح أمس، وانهمك الطرفان في البحث عن بدائل لتأليف لائحتين، مع ما يسببه ذلك من خطر انخفاض حواصل اللائحتين. ورغم أن شمعون شدّد على «أننا جاهزون وفريقنا يملك plan B لتأليف لائحة مكتملة في دائرة الشوف - عاليه، والجبهة السيادية تضم شخصيات من كلّ الطوائف»، أكّد متابعون أن تحالف القوات - الأحرار سيواجه أزمة إيجاد مرشحين سنّة ودروز.
في المقابل، فإن جنبلاط سيكون المتضرر الأكبر من هذا السيناريو. ففي وقت يُحاول تثبيت زعامة نجله تيمور والحفاظ على مقعد مروان حمادة في وجه «عاصفة» وئام وهاب، سيزداد وضعه سوءاً لعدم تمكّنه من رفع حاصل لوائحه في دوائر الشوف - عاليه وبعبدا. وإلى الحسابات الانتخابية، فإن العامل المالي لا يقل أهمية في نظر المختارة التي تعرف أن المال السعودي المخصص للانتخابات النيابية لا يُمكن أن يتدفّق إلا بـ«ختم» القوات.
ورغم أن زعيم المختارة يدرك أن وضعه على المحك، إلا أنه لعب على حافة الهاوية في انتظار اللحظات الأخيرة، آملاً بأن يفوز على الجهتين: تثبيت المقعد الماروني في جيبه وسحب المقعد الكاثوليكي من «فم» الأحرار.
أبلغت الرياض حلفاءها أن سفيرها عائد إلى بيروت في اليومين المقبلين لـ«شدشدة» التحالفات


ما راهن عليه «البيك» في استجداء لاعب خارجي حدث فعلاً، ولو أن النتيجة لم تكن «على خاطره». إذ أكد شمعون أن «شخصية صديقة» للاشتراكي والقوات والأحرار تدخّلت أمس، وأقنعت الأطراف الثلاثة بالعودة إلى المفاوضات لإنهاء الخلاف. ما يقوله رئيس «الجبهة السيادية» يتقاطع مع معلومات تؤكد أن السعودية هي من تدخّلت أمس وأبلغت حلفاءها بأن سفيرها وليد البخاري سيعود إلى بيروت في اليومين المقبلين لـ«شدشدة» التحالفات في كافة الدوائر، وطلبت منهم العودة إلى طاولة المفاوضات لأنها لن تقبل بانفراط عقد التحالف. بعد ساعات من التدخل السعودي، أعلن عربيد مساء أمس انسحابه من المعركة، وغرّد على «تويتر»: «تجربة الأسابيع الأخيرة في الحملة الانتخابية أقنعتني بأن الظروف الحالية ليست الأمثل لإحداث الفرق ولإنتاج قيمة مضافة من خلال العمل النيابي».
في المحصلة، نجحت الرياض في إعادة الحياة إلى الحلف «الواقف على شوار» بإرضاء جميع الأطراف على أن تكون لوائح هذا التحالف في الشوف على الشكل التالي: تيمور جنبلاط ومروان حمادة عن المقعدين الدرزيين، جورج عدوان وحبوبة عون وإيلي قرداحي عن المقاعد المارونية الثلاثة، بلال عبدالله وسعد الدين الخطيب عن المقعدين السنيين، وفادي معلوف عن المقعد الكاثوليكي. وفي عاليه: أكرم شهيب عن المقعد الدرزي، راجي السعد وجوال فضول عن المقعدين المارونيين، نزيه متّى عن المقعد الأرثوذكسي، فيما تُرك مقعد درزي شاغر للنائب طلال إرسلان. وفي بعبدا: بيار بو عاصي، كميل شمعون، وألكسندر كرم عن الموارنة، هادي أبو الحسن عن المقعد الدرزي، سعيد علامة وسعد سليم عن المقعدين الشيعيين.