الحسكة | أعلنت «قسد»، أمس، سيطرتها الكاملة على سجن الصناعة، في إطار ما سمّتها عملية «مطرقة الشعوب»، مؤكّدة استسلام بقيّة عناصر تنظيم «داعش» الذين كانوا داخل السجن، وذلك بعد 7 أيام من المعارك بين الطرفين في محيط المعتقَل، وأجزاء من الأحياء الجنوبية في المدينة. وقبل ذلك، عادت أصوات الرصاص والاشتباكات في محيط «الصناعة»، بعد يوم سابق من الهدوء، تخلّله الإفراج عن عدد من الرهائن الذين احتجزهم التنظيم، ووصول عدد من جرحاه إلى المراكز الطبّية العائدة لـ«قسد» في جوار السجن، واستسلام آخرين. والظاهر أن وساطة «التحالف»، عبر جنود أميركيين وبريطانيين، أدّت إلى إرساء هدنة غير معلنة، تمّ بموجبها إطلاق المحتجَزين لدى «داعش»، مقابل إجلاء عدد من مُصابي التنظيم وتقديم الخدمات الطبّية والعلاجية لهم، وتزويدهم بالمياه والطعام. وتوازياً مع تَجدّد المواجهات لبعض الوقت، عاد طيران «الأباتشي» الأميركي إلى التحليق مجدّداً في أجواء المدينة، واستهداف عدد من مرافق «الصناعة» بالرشّاشات، في ما بدا محاولة للضغط على مَن تبقّى من المسلّحين لتسليم أنفسهم، تمهيداً للإعلان عن السيطرة الكاملة على السجن، وهو ما حصل لاحقاً بالفعل. بالتوازي مع ذلك، كثّفت «قسد» من بياناتها الإعلامية، فيما غاب أيّ إصدار جديد للتنظيم طيلة يومَي الثلاثاء والأربعاء، ما أعطى إشارات إضافية إلى فقدانه غالبية قدراته الهجومية. وفي هذا السياق، أعلن المركز الإعلامي التابع لـ«قسد»، في بيان، «استسلام أكثر من ألف من عناصر التنظيم منذ بداية الهجمات، مع نقلهم إلى مناطق أكثر أماناً»، مضيفاً أنه «تمّ تحرير عدد إضافي من الأسرى المحتجَزين لدى التنظيم»، مؤكداً أنه «تمّت السيطرة بشكل كامل على السجن». وبثّت وسائل إعلام تابعة لـ«قسد»، بدورها، مشاهد لعدد من عناصر التنظيم وهم يسلّمون أنفسهم، على أن يتمّ نقلهم إلى مراكز اعتقال جديدة، يُرجَّح، بحسب تلك الوسائل نفسها، أن تكون في مدينتَي الشدادي والقامشلي. من جهتها، أكدت مصادر أهلية من داخل بلدة الهول، لـ«الأخبار»، «وصول عدد من الآليات التابعة للتحالف إلى مخيم الهول، من دون معرفة الأسباب»، مشيرة إلى أن «قسد أصدرت قراراً بمنْع دخول موظّفي المنظّمات الدولية، والعاملين بالشأن الإغاثي إلى المخيم، مع إغلاق البوابة الرئيسة بالسواتر الترابية، ووضع سواتر إضافية في المحيط»، في إجراءات يُعتقد أنها ذات صلة بأحداث سجن الصناعة، الذي تؤكد مصادر ميدانية، لـ«الأخبار»، أن «قسد دخلته منذ يوم الثلاثاء، وسيطرت على غالبية مساحاته، ونفّذت عمليات تمشيط بحثاً عن مطلوبين داخله، تطبيقاً لاتفاق أشرف على تنفيذه التحالف الدولي». وتُوضح المصادر أن «الاشتباكات الأخيرة حصلت مع مجموعة محدودة رفضت الاتفاق، وقرّرت القتال حتى النهاية، لتُتمّ قسد بعد ذلك سيطرتها الكاملة على السجن».
دفعت التطوّرات الأخيرة أكثر من 3900 أسرة من سكّان الأحياء الجنوبية إلى الفرار


من جهة أخرى، دفعت التطوّرات الأخيرة أكثر من 3900 أسرة من سكّان الأحياء الجنوبية المُجاوِرة لسجن الصناعة، إلى الفرار، خشية من القصف والاشتباكات، أو مجازر عناصر التنظيم المهاجِمين للمنطقة. وفي وقت لوحظ فيه غياب المنظّمات الدولية، تصدّت الجهات الحكومية، بالتعاون مع الجمعيات الخيرية والهيئات الدينية المرخَّصة حكومياً، لمهمّة توفير أماكن ومستلزمات إقامة وخدمات طبية إسعافية للنازحين، وسط اتّهامات أهلية لـ«الإدارة الذاتية» الكردية بعدم التدخّل في الأزمة الإنسانية. وفي هذا الإطار، يؤكد محافظ الحسكة، اللواء غسان حليم خليل، في تصريح إلى «الأخبار»، أنه «تمّ استنفار كلّ الجهات الحكومية والجمعيات والهيئات الخيرية، لتلبية احتياجات الأهالي الفارّين نتيجة الأحداث الأخيرة التي شهدتها الأحياء الجنوبية»، مشيراً إلى «افتتاح 5 مراكز إيواء حكومية، وتوفير فرش وبطانيات وعوازل وثلاث وجبات طعام يومياً، وخزانات لمياه الشرب، وتوزيع ألبسة وسلال صحية، بالإضافة إلى عيادات متنقّلة لتقديم الأدوية والخدمات الطبية». ويتحدّث خليل عن «غياب تامّ للمنظّمات الدولية في الاستجابة لأزمة المهجّرين من منازلهم»، لافتاً إلى أن «قسد منعت إيصال مساعدات حكومية إلى الأهالي المحاصَرين داخل الأحياء الجنوبية».