غزة | مع اقتراب المؤتمر الثامن لحركة «فتح»، وتجهيزاً لترتيب «فتحاوي» أُحاديّ الجانب لـ«منظّمة التحرير الفلسطينية»، يخطو القياديّان في الحركة، حسين الشيخ وماجد فرج، خطوات إضافية نحو إحكام سيطرتهما على المناصب العليا في الحركة والمنظّمة، تمهيداً لخلافة الرئيس محمود عباس (86 عاماً)، وسط تهميش متعمّد لجبريل الرجوب ومروان البرغوثي، واستعدادات لتغيير طريقة اختيار الرئيس في حال تعذُّر إجراء انتخابات عامة. وانتَخبت، أوّل من أمس، «اللجنة المركزية لحركة فتح»، عضوها حسين الشيخ، ليكون مرشّحاً لتمثيلها في «اللجنة التنفيذية لمنظّمة التحرير»، فيما جدّدت ثقتها بعباس رئيساً للحركة ولـ«اللجنة التنفيذية» ولـ«دولة فلسطين»، ولعضوها عزام الأحمد مُمثِلاً لـ«فتح» في «التنفيذية»، وانتَخبت روحي فتوح مرشّحاً لرئاسة «المجلس الوطني الفلسطيني».وبحسب مصادر «فتحاوية» تحدّثت إلى «الأخبار»، فإن تعيين الشيخ جاء ضمن توافق بينه وبين رئيس جهاز المخابرات العامة، ماجد فرج، تمهيداً للسيطرة على جميع مفاصل «فتح» والسلطة، وقطْع الطريق أمام طموحات عضو «اللجنة المركزية» للحركة جبريل الرجوب، وتوطئة لإقصاء تيّار مروان البرغوثي من المؤتمر الثامن المُزمع عقده في نهاية آذار المقبل. وبانتخاب الشيخ عضواً في «التنفيذية»، ينفتح الباب أمامه لتولّي منصب أمين سرّ «التنفيذية» خلَفاً لصائب عريقات، الذي توفّي العام الماضي متأثّراً بإصابته بفيروس «كورونا»، ما يمهّد لخطوة لاحقة تتمثّل في تولّيه الملفّ السياسي في السلطة والمنظّمة بعد وفاة عباس، فيما يتولّى فرج الملفّ الأمني، بعد استكمال سيطرته على الأجهزة الأمنية وقيادة الأقاليم في الحركة في الضفّة المحتلة، وفق ما أوضحت المصادر نفسها.
ويحظى الرجلان بدعم إسرائيلي وأميركي لتسلّم دفّة السلطة بعد انتهاء مرحلة عباس، خاصة أنهما يؤمنان بالنهج نفسه الذي يتّبعه الأخير تجاه العلاقة مع الاحتلال و«التنسيق الأمني»، ويمتلكان إمكانية السيطرة على السلطة وحركة «فتح»، وساعدا أخيراً في عودة العلاقات الرسمية مع تل أبيب، والتي تَمثّل آخر مظاهرها في لقاء عباس، وزير الجيش الإسرائيلي، بيني غانتس، في تل أبيب. وفي هذا الإطار، يقول الصحافي الإسرائيلي، غال برغر، مراسل القناة الرسمية «كان»، إن الشيخ «تَحرّك خطوة أخرى إلى الأمام، وفاز بالإجماع ليصبح مرشّحاً لحركة فتح في اللجنة التنفيذية لمنظّمة التحرير»، مضيفاً أنه «أصبح قوياً جدّاً في السنوات الأخيرة، وبات الشخص رقم 2 غير الرسمي بعد أبو مازن». وتابع: «الشيخ يواصل البناء نحو اليوم التالي لوفاة أبو مازن».
يحظى الشيخ وفرج بدعم إسرائيلي وأميركي لتسلّم دفّة السلطة بعد انتهاء مرحلة عباس


وجاءت التعيينات الجديدة التي سيتمّ التصويت عليها خلال اجتماع «المجلس المركزي» مطلع الشهر المقبل، هروباً من الخلافات الداخلية في حركة «فتح»، بعد اعتراض أطراف داخل الحركة على عمليات الإقصاء والتهميش التي يتعرّض لها عدد من القيادات، واستباقاً للمؤتمر الثامن لـ«فتح»، علماً أن «المركزي» يُعدّ حالياً بديلاً من «المجلس الوطني الفلسطيني» بعدما أُحيلت صلاحيات الأخير إلى الأوّل خلال دورة عام 2018. كذلك، علمت «الأخبار» أن تيّار عباس يسعى، من خلال عقد «المركزي»، إلى إضفاء شرعية على تحرّكات رئيس السلطة الأخيرة، لناحية تهدئة الأوضاع الميدانية في الأراضي المحتلّة، وتحسين الواقع المعيشي فيها، إلى حين استعادة المفاوضات السياسية، والتي تنوي الحركة طرح رؤية جديدة لدعمها، إلى جانب خطوات أخرى تتعلّق بمرحلة ما بعد مغادرة عباس المشهد، بما في ذلك تعديل في بنود اختيار الرئيس الفلسطيني، عبر إضافة بند جديد يسمح باختياره من طريق انتخابات في «المجلس المركزي» في حال تَعذُّر إجراء الانتخابات العامة.
وتغِيب «الجبهة الشعبية» عن اجتماع «المجلس المركزي»، فيما تبْحث «الجبهة الديموقراطية» مقاطعته، بعدما رفضت حركة «فتح» إعطاءها منصب رئيس «المجلس الوطني»، خلَفاً لسليم الزعنون الذي قدّم استقالته أمس. وفي الإطار نفسه، يواجه تيّار مروان البرغوثي تهميشاً كبيراً قبيل عقْد المؤتمر الثامن لـ«فتح»، إذ تحدّث عضو «المجلس الثوري» للحركة، فخري البرغوثي، عن حملة إقصاء بدأها فريق عباس، لأعضاء يمثّلون تيار القيادي البارز وعضو «اللجنة المركزية»، الأسير مروان البرغوثي، مؤكداً أن أعضاء التيار أُقصوا من جلسات «المجلس الثوري»، تمهيداً لإزاحتهم في المؤتمر الثامن، شأنهم شأنه «ناصر القدوة وآخرين لا يسيرون في فلك عباس». وبحسب مصادر «فتحاوية» تحدّثت إلى «الأخبار»، فإن المؤتمر المقبل سيشهد صعوداً بارزاً لرئيس جهاز المخابرات، خاصة أن الأخير يُمسك بالكثير من المفاصل التنظيمية للحركة في الضفة الغربية وقطاع غزة، لكنّه يواجه صعوبات متمثّلة في وجود منافسين يريدون إيجاد مكان لهم في مرحلة ما بعد عباس، وخاصة توفيق الطيراوي وجبريل الرجوب. ووفق المعلومات، فإن الشيخ وفرج يريدان تجنُّب الصدام مع الطيراوي والرجوب، نظراً إلى أن المخاطرة بإخراجهما قد تؤدّي إلى توسيع جبهة المعارضين.