فجأة، وبسحر «طويل العمر»، استفاقت الجوقة كلها في أجواء يرجح أن تزيد الأزمة السياسية تعقيداً، وتمدّد عمر الأزمة الحكومية المفتوحة منذ ثلاثة أشهر.«سعار» ضد المقاومة، هو أقل ما يمكن أن توصَف به المواقف التي أُطلقت رداً على ردّ الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله على اعتداء ملك السعودية سلمان بن عبد العزيز بوصفه المقاومة بالإرهاب. الطمع في رضا المملكة، عشية الانتخابات وما تتطلّبه من مصاريف، أيقظ الجميع من سباتهم تذللاً وتزلّفاً، معتمدين المنطق السعودي نفسه في ابتزاز اللبنانيين المقيمين في دول الخليج في لقمة عيشهم.
رئيس حكومة «معاً لإنقاذ كرامة المملكة» نجيب ميقاتي كان أول من سدّد سهماً ضد المقاومة، فور انتهاء نصرالله من خطابه، مخرجاً حزب الله من «التنوع اللبناني»، في استمرار للدونية التي يتعاطى بها مع مملكة القهر منذ افتعالها الأزمة الديبلوماسية مع لبنان، وإصراره على إقالة وزير الإعلام جورج قرداحي مقابل «مكرمة» هاتفية. وبحسب مصادر مطلعة لـ«الأخبار»، فإن ميقاتي وصله جواب على ما قاله، وبأنه «لن يمر مرور الكرام».
سعد الحريري الذي يكاد اللبنانيون ينسونه، صوتاً وصورة، رمى أيضاً بسهمه طمعاً في أن «يُشهد له عند الأمير»، مذكّراً بأن السعودية التي «احتضنته» في 4 تشرين الثاني 2017 وأجبرته على الاستقالة، «احتضنت اللبنانيين ووفرت لهم مقوّمات العيش الكريم». ونبّه من أن «التاريخ لن يرحم حزباً يبيع عروبته واستقرار وطنه ومصالح أهله لقاء حفنة من الشراكة في حروب المنطقة».
وليد جنبلاط، الطامح إلى نيل حظوة ملكية تماثل حظوة سمير جعجع، أخرج ما في جعبته من أسئلة، لم يكن سؤال «إلى أين» من بينها، وإنما «هل تقف حرب ​اليمن​ باعتبار اللبنانيين العاملين في ​السعودية​ منذ عقود رهائن؟» و«ماذا تريد ​إيران​ من لبنان ومن المنطقة؟»، وكأن من كان يتحدث أول من أمس إيراني لا يتكلم العربية، ولم يكن يردّ على اعتداء سعودي على أكبر الأحزاب اللبنانية وعلى شريحة واسعة من اللبنانيين.
ميقاتي وصله جواب على ما قاله وبأنه «لن يمر مرور الكرام»


وأدلى فؤاد السنيورة، صاحب جريمة الـ 11 مليار دولار بدلوه أيضاً في وصف كلام نصرالله بـ «الجريمة الموصوفة بحق لبنان واللبنانيين، وبما يعرض مصالحهم الوطنية للخطر»، متهماً نصرالله بأنه «يمعن في خنق لبنان وإقفال الأبواب والمنافذ عليه فوق ضائقته الاقتصادية والمعيشية والسياسية».
حزب الله، من جهته، لم يلتزم الصمت كعادته. فتولى بعض نوابه الرد على حملة التزلف للرياض. فقال النائب حسن فضل الله في بيان: «كنَّا ننتظر من رئيس الحكومة أن يُعلي من شأن الانتماء الوطني، وينتفض لكرامة وطنه في وجه الإساءات المتكرِّرة من ​السعودية​ ضد الشعب اللبناني»، لافتاً إلى أنه «بدل أن يُسارع دولته، الذي يُفترض أنه وفق الدستور رئيس حكومة جميع اللبنانيين، إلى الدفاع عن من يمثل دستورياً، فإنه ارتد ضد الداخل اللبناني، وأطلق عبارات التشكيك بولاءات جزء كبير من هذا الشعب، بكل ما يمثله تاريخياً وحاضراً ومستقبلاً». وأكد أن «انتماء المقاومة إلى وطنيتها اللبنانية لا يحتاج إلى شهادات بلبنانيتها، لأنها تمثل الانتماء الحقيقي الصادق لوطنها»، و«أكثر ما يسيء إلى لبنان ودوره ونديَّة علاقاته الخارجية، هو تخلي بعض مسؤوليه عن واجبهم الوطني في الدفاع عن دولتهم ومصالح شعبهم، وعدم الإقلاع عن مهاتراتهم، وتسجيل المواقف في حساب ممالك لن ترضى عنهم مهما قدّموا من تنازلات وهدروا من ماء وجههم». فيما غرّد النائب إبراهيم الموسوي عبر «تويتر»: «بئس الزمن الذي يطالب فيه البعض المقاومة بأن تكون جزءاً من التنوع اللبناني، هي التي حمت وضحت بدماء شهدائها وأرواحهم كي يبقى الوطن». وتوجّه إلى ميقاتي من دون أن يسميه: ««كلامك المتملق يمثّلك ويلزمك وحدك. وهو إساءة وإهانة لك قبل أن يكون كذلك لكل لبناني وطني شريف».
رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، من جهته، أكد «أننا نحرص على علاقات لبنان العربية والدولية لا سيما مع دول الخليج وفي مقدمتها السعودية»، لكنه شدّد على أن «هذا الحرص يجب أن يكون متبادلاً لأنه من مصلحة لبنان ودول الخليج على حد سواء».