هل قرّر تيار المستقبل عدم إجراء الانتخابات البلدية، والتمديد للمجالس البلدية لمدة سنتين؟ مسؤولو التيار ينفون ذلك، ووزير الداخلية نهاد المشنوق يؤكد استعداد الوزارة لإجراء الاستحقاق في موعده، في الربيع المقبل. لكن القوى السياسية المختلفة بدأت تتهامس بأن "المستقبل" لا يريد تجرّع كأس الانتخابات البلدية، لأسباب عديدة، أبرزها:ــ سيكون التيار مضطراً إلى خوض معارك قاسية في عدد من المناطق، ستكون أشبه باستفتاء سياسي، في صيدا، وجزء من المنية والضنية وعكار والبقاع الغربي. وفي طرابلس، يمكن فرض معركة "ضارية" عليه، من قِبل شركائه (وأبرزهم الرئيس نجيب ميقاتي والوزير السابق محمد الصفدي والنائب أحمد كرامي والوزير السابق فيصل كرامي) في الائتلاف البلدي الذي أثبت فشله طوال السنوات الست الماضية. وفي بيروت سيكون محرجاً في "الشارع المسيحي"، في ظل التوتر الذي يسود علاقته بحليفه الرئيسي، أي القوات اللبنانية.
ــ ستُلزِم المعارك "المستقبل" بتشغيل ماكينته التي انخفض منسوب عملها نتيجة للصعوبات المالية المستمرة منذ سنوات. كذلك، لم تفتح السعودية للتيار بعد خزائنها المالية، لتغطية معركة انتخابية في هذا الحجم.
ــ لا يزال التيار غير مرتاح في بيئته. لم يعد هيناً عليه "ضبط شارعه" في طرابلس. ويكفي النظر إلى واقع بلدة عرسال التي تؤكد الأجهزة الأمنية المختلفة استحالة تنظيم انتخابات في داخلها، نتيجة واقعها الأمني الذي يفرضه الاحتلال الإرهابي العلني لجزء كبير من جرودها، والاحتلال المقنَّع لجزء من أحيائها المأهولة.
سليمان أبلغ بري وجنبلاط عدم ممانعته السير باتفاق التعيينات العسكرية

أمام هذا الواقع، تشير المصادر إلى أن التيار الأزرق يفضّل تأجيل الانتخابات، والتمديد للمجالس البلدية لمدة سنتين على الأقل. وكما جرى قبل التمديد للمجلس النيابي عام 2013، عندما كانت الأحزاب والتيارات السياسية مجمعة في العلن على إجراء الانتخابات البرلمانية في موعدها، ثم نكثت بعهودها عندما اقترب موعد الاستحقاق، يتكرر السيناريو اليوم. ولن تكون القوى السياسية المؤيدة لفظياً لإجراء الانتخابات البلدية محرجة باتخاذ قرار التمديد مستقبلاً. وفي أداء يُشبه الدور الذي لعبه النائب نقولا فتوش في عملية التمديد للمجلس النيابي، قالت مصادر سياسية متنية لـ"الأخبار" إن النائب ميشال المر بات "يبشّر" أمام زواره بأن الانتخابات البلدية ستؤجّل، وأن الذريعة القانونية لذلك ستكون عدم تأمين الاعتمادات المالية اللازمة لإجراء الانتخابات.
على صعيد آخر، ينعقد مجلس الوزراء اليوم، وعلى جدول أعماله مئات البنود. لكن أبرزها بند واحد، هو طلب وزير العدل أشرف ريفي إحالة قضية الوزير السابق ميشال سماحة على المجلس العدلي. ورجّحت مصادر وزارية أن يثير هذا الأمر نقاشاً حاداً، لكن من دون أن يتمكّن ريفي وفريقه السياسي من تمرير هذا الطلب، بسبب "مخالفته للقانون الذي لا يجيز محاكمة أي متهم مرتين على الجرم ذاته". ومن خارج جدول الأعمال، سيقترح وزير الدفاع سمير مقبل تعيين ثلاثة ضباط في المجلس العسكري للجيش. وبحسب مصادر وزارية، فإن الاتفاق في جلسة طاولة الحوار الوطني في عين التينة أمس نص على أن يقدّم مقبل أسماء 3 مرشحين لكل مركز شاغر، على أن تتضمن أسماء الضابطين اللذين يقترحهما العماد ميشال عون للمركزين المخصصين للضباط المنتمين إلى كل من الطائفتين الكاثوليكية والأرثوذكسية، واسم الضابط الذي يقترحه حزب الله وحركة أمل لشغل المركز المخصص للضباط المنتمين إلى الطائفة الشيعية. وسيتيح هذا الأمر إعادة عقد جلسات مجلس الوزراء بصورة عادية، من دون مقاطعة وزراء التيار الوطني الحر وحزب الله، لكونه يلبي مطالب عون. وفيما كانت مصادر عسكرية تجزم أمس بأن الاتفاق لن يُبصر النور، أكّدت مصادر وزارية أن القوى الممثلة في طاولة الحوار أكّدت أمس أنها ستلتزم الاتفاق اليوم. وبالنسبة إلى كتلة رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان، لفتت المصادر إلى أن هذه الكتلة لا تُعَدّ "مكوّناً رئيسياً" من مكونات مجلس الوزراء التي لو اعترض اثنان رئيسيان منها على أي قرار، فإنه لن يمر، بحسب الآلية التي اتُّفق عليها منذ بداية الشغور الرئاسي. وقالت المصادر في الوقت عينه إن سليمان سبق أن أبلغ الرئيس نبيه بري والنائب وليد جنبلاط عبر معاونَي كل منهما، بأنه لا يمانع تسوية التعيينات. وقالت مصادر وزارية من فريق 8 آذار إنها لا تستبعد أن يكون سليمان يريد التلطي خلف موقف وزراء حزب الكتائب المعارض لهذه التسوية. وفي حال إقرار هذا البند وفق اتفاق أمس، فإن الضباط الذين سيُعينون هم العمداء جورج شريم وسمير الحاج ومحسن فنيش.
ومن خارج جدول الأعمال أيضاً، علمت "الأخبار" أن وزير الخارجية جبران باسيل سيثير مسألة نأي لبنان بنفسه عن النزاع بين السعودية وإيران، والذي ترجمته وزارة الخارجية في آخر ثلاثة اجتماعات في مصر والسعودية والبحرين (وزراء الخارجية العرب، ووزراء المؤتمر الإسلامي، ووزراء الملتقى العربي ــ الهندي). وسيطلب باسيل من مجلس الوزراء إعلان موقف واضح في هذا الصدد، وخاصة أنه سبق للحكومة أن التزمت النأي بلبنان عن صراعات المنطقة، "وإذا قرر مجلس الوزراء التخلي عن هذه السياسة، فليعلن ذلك وليتحمل مسؤولياته لتلتزم وزارة الخارجية ما يقرره مجلس الوزراء مجتمعاً".