الخليل | بعد فشل الاحتلال في تمرير تغييرات جوهرية في المسجد الأقصى، وخشيته من أن تؤدي أيّ فعاليات دينية فيه إلى تفجير الأوضاع، توجّه الرئيس الإسرائيلي، يتسحاق هيرتسوغ، لإضاءة ما يُسمّى "شمعة حانوكا" في الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل المحتلة، بمشاركة قادة المستوطنين في الضفة الغربية، وسط استنكار فلسطيني ودعوات إلى الرباط في الحرم. وبالتوازي مع ذلك، حوّل العدو المكان ومحيطه إلى ثكنة عسكرية، وعزّزه بقوات أكبر من المعتاد، في وقت نظّمت فيه جهات يسارية مثل حركة "السلام الآن" و"كسر الصمت"، تظاهرات بالقرب من المسجد احتجاجاً على مشاركة هيرتسوغ في الحفل. واعتدى جنود الاحتلال على المحتجّين لإجبارهم على فضّ وقفتهم، فيما أفاد رئيس تجمع "شباب ضدّ الاستيطان"، عيسى عمرو، بأن الخليل تحوّلت إلى منطقة عسكرية مغلقة تقريباً، حيث هناك جندي إسرائيلي كلّ 10 أمتار، وتشديد على الحواجز، وإعاقة لحركة الطلاب والمواطنين وهم في طريقهم إلى عملهم. وشارك في الاقتحام، إلى جانب هيرتسوغ، المئات من المستوطنين، وتبعتهم مسيرة في البلدة القديمة، تخلّلتها اعتداءات بالحجارة وتكسير للأملاك وإطلاق شعارات عنصرية وشتائم ضدّ أهالي المنطقة.
رأت الفصائل الفلسطينية في الاقتحام عملاً عدائياً يستوجب التصدّي له بكلّ قوّة

الفصائل الفلسطينية اعتبرت الاقتحام عملاً عدائياً يستوجب التصدّي له بكلّ قوّة، مُحمّلة الاحتلال المسؤولية عمّا سيترتّب عليه. إذ قال الناطق باسم حركة "الجهاد الإسلامي"، طارق عزيز: "نُذكّر العدو الصهيوني والعالم كلّه بأن انتفاضة الأقصى جاءت رداً على اقتحام الهالك (شارون) للمسجد الأقصى المبارك في أيلول عام 2000، فالشعب الفلسطيني لا يسمح بأن تمرّ محاولات المساس بمقدّساته من دون أن يتصدّى لها رجاله وأحراره". من جهتها، أكدت حركة "حماس" أن "خطوة هيرتسوغ تمثّل استفزازاً لمشاعر شعبنا الفلسطيني وانتهاكاً صارخاً لحرمة الحرم الإبراهيمي". كذلك، دعت "لجنة المدافعين عن حقوق الإنسان" في مدينة الخليل، إلى أداء صلاة الظهر في الحرم الإبراهيمي والرباط فيه. وأفاد منسّق اللجنة، عماد أبو شمسية، بأن قوات الاحتلال أبلغت الأوقاف بقرار إخلاء المسجد من المصلين والسدنة في تمام الساعة الثانية ظهراً، استعداداً لتنفيذ الاقتحام الذي تمّ في ساعات المساء. ورأت الأوقاف الفلسطينية، بدورها، أن عملية اقتحام الحرم تأتي في سياق محاولات تهويده والاستيلاء عليه بالكامل، بعدما سيطرت سلطات الاحتلال على معظم باحاته وغيّرت من معالمه التاريخية، مُحمّلة الاحتلال تداعيات الخطوة الأخيرة، التي تُعدّ تشجيعاً للمستوطنين على مواصلة اعتداءاتهم، سواء في المسجد الأقصى أو الحرم الإبراهيمي أو الكنائس. أمّا حركة "السلام الآن" فاعتبرت أن "الاستيطان في الخليل هو أبشع وجه للسيطرة الإسرائيلية على الضفة الغربية، ولا يمكن تصوّر أن يختار هيرتسوغ، الذي يُفترض أن يكون شخصية موحّدة، من بين كلّ الأماكن، أن يضيء شمعة في مكان أصبح معقلاً للقمع والعنف"، فيما دعت منظمة "كسر الصمت" الرئيس الإسرائيلي إلى "قراءة بعض من آلاف الشهادات لجنود خدموا في الخليل حول مقدار العنف والعنصرية التي تسبّبها سياسة الاستيطان".
إلى ذلك، أصيب عشرات الفلسطينيين في قرية اللبن جنوبيّ شرقيّ نابلس أمس، خلال تصدّي أهالي القرية لاقتحام المستوطنين بحماية قوات الاحتلال مدخل القرية، ومنعهم الطلبة من الوصول إلى مدارسهم. وقال رئيس المجلس القروي في اللبن الشرقية، يعقوب عويس، إن "الأهالي خرجوا للتصدّي للمستوطنين وتمكين الطلبة من الوصول إلى مدارسهم، فاندلعت مواجهات مع قوات الاحتلال والمستوطنين، وأصيب عدد من المواطنين برضوض وكدمات، وكانت إصابة أحدهم بالغة نتيجة الاعتداء عليه بالضرب المبرّح وبأعقاب البنادق".