حدث ما لم يكن في الحسبان حين أصيب قائد القوّة الخاصّة المهاجِمة وجندي آخر برصاص المقاومة
لم تكد العملية في جنين أن تنتهي، حتى اتّجهت الأنظار إلى منطقة عين عجب في بلدة بيت عنان شمال غربي القدس، حيث تحصّن ثلاثة مقاومين من بلدة بدّو، هم: المطارَد أحمد زهران، وزكريا بدوان، ومحمود حميدان، وجميعهم ينتمون إلى حركة «حماس»، وأسرى محرّرون من السجون الإسرائيلية، في مغارة وكوخٍ يقع إلى جانبها. وأفادت مصادر «الأخبار» بأن مقاوماً أطلق النار على القوّة الخاصّة الإسرائيلية عند اكتشافها، بينما حاول آخران الانسحاب من المكان، لكن الثلاثة استشهدوا. وبحسب الرواية المحلّية، فإن حميدان وبدوان عملا كمساعدَين لوجستيين للمطارَد زهران، حيث كانا برفقته على رغم أنهما يعيشان حياة طبيعية وليسا مطلوبَين، بل وحضرا حفل زفاف قبل استشهادهما. وأشارت آخر التقديرات إلى أن الاثنين ربّما أحضرا طعاماً أو مواد تموينية وتوجّها نحو مخبأ زهران، حيث تمّت ملاحقتهما قبل مداهمة القوّة الخاصّة الإسرائيلية للمكان. من جهته، نشر الإعلام العبري صورتَين من مكان استشهاد المقاومين الثلاثة، تظهر فيهما بندقية وعدّة مخازن ذخيرة، إضافة إلى منظار عسكري ومعدات أخرى ومواد غذائية وسجائر، فيما أعلن العدو أنه ضرب خلية تابعة لـ«حماس» في جنين وشمال غربي القدس، واغتال أربعة مقاومين على الأقلّ، واعتقل عدداً آخر، قبيل تنفيذهم عمليات فدائية ضدّ أهداف إسرائيلية. والشهيد أحمد زهران هو أسير محرّر من حركة «حماس»، أمضى ما مجموعه أكثر من ستّ سنوات في السجون الإسرائيلية بعد اعتقاله ثماني مرات، وهو شقيق الشهيد زهران زهران، أحد أبرز قادة «القسّام» في منتصف التسعينيات، والذي شارك في خطف الجندي الإسرائيلي نحشون فاكسمان. ويتعرّض أحمد زهران وعائلته، منذ أسابيع، لملاحقة إسرائيلية بدأت على إثر رفضه تسليم نفسه، وقراره المضيّ مطارَداً خارج بيته، فيما أقدم العدوّ على اعتقال تسعة من أفراد عائلته ثم زوجته للضغط عليه، لكن من دون جدوى. ونعى بيان رسمي صادر عن «كتائب القسّام» الشهداء، مشيراً إلى جهودهم في الإعداد والتجهيز للمقاومة، وفي هذا إشارة تدل على صحّة فرضية وجود خلية لـ«القسام» كانت في طور التشكُّل أو أنها كانت تتجهّز لتنفيذ عمليات. وتعهّد نائب رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، صالح العاروري، بتدفيع الاحتلال الثمن، و«نعد شعبنا أن دماء الشهداء لن تذهب هدراً».
وبينما تتّجه الأنظار إلى مخيّم جنين بوصفه «معقلاً للمقاومين والمسلّحين»، تطفو على السطح بؤر تصعيد جديدة بعيدة نسبياً، مثل بلدة برقين (غرب)، ومنطقة شمال غربي القدس. ولدى مطابقة بيان «القسّام» مع بيانات جيش العدو وظهور مقاومين في مخيم جنين، يتأكّد بما لا يدع مجالاً للشكّ وجود جمر يغلي تحت الرماد و«اشتباكات مسلّحة مؤجّلة»، في ظلّ حديث جيش العدو عن استمرار ملاحقة مقاومين آخرين لا يزالون طلقاء. أمّا أزمة مقاومي المخيّم، فلا تزال على حالها، حيث خرج عشرات المسلّحين من فصائل مختلفة قبل أيام في تأبين لآخر أربعة شهداء في جنين متوعّدين العدو الإسرائيلي.
وعلى رغم محاولة «الشاباك» وجيش الاحتلال الابتعاد عن خوض مغامرة غير محسوبة في جنين، يبدو أن القرار الإسرائيلي كان، كما رجّحته «الأخبار» سابقاً، بشنّ العدوّ عمليات خاطفة وسريعة عبر قوات «مستعربين» أو قوات نخبة خاصة للقضاء على المسلّحين والمطلوبين تدريجياً. ويهدف العدوّ من وراء هذا التكتيك، إلى الحدّ من خسائره وتجنّب سقوط أعداد أكبر من الشهداء الفلسطينيين، والذي يمكن أن يؤدّي إلى تصعيد أعنف وأوسع نطاقاً في الضفة الغربية، لكن حدث ما لم يكن في الحسبان، حين أُصيب قائد القوّة الخاصّة المهاجِمة وجندي آخر برصاص المقاومة الفلسطينية.