كانَ مُقرراً، الأسبوع الماضي، أن يدعو رئيس الحكومة السابِق حسان دياب رؤساء الأجهزة الأمنية إلى اجتماع في السرايا. أريد لتلك الخطوة أن تكون رداً على مذكرة التوقيف الغيابية التي قيلَ بأن المحقّق العدلي في قضية تفجير مرفأ بيروت طارِق البيطار سيُصدرها بحق دياب. يومَها، جرى الاتفاق على هذا المخرج للإيحاء بأن الأجهزة تعمَل مع رئيس الحكومة، وأنها تذهب للاجتماع به لا لتوقيفه. أما وقد تألّفت حكومة جديدة، تبدّل السيناريو، وبدأ البحث عن «تكتيك» آخر للتعامُل مع إجراءات البيطار التي بدأت التسريبات تتحدث عن أنها ستكون تصعيدية في حق «المُدعى عليهم».قبلَ أيام من تأليف حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، تسرّبت معلومات عن نية البيطار إصدار مذكرات توقيف، ليسَ في حق دياب وحده، بل أيضاً الوزراء السابقين: يوسف فنيانوس، علي حسن خليل، غازي زعيتر ونهاد المشنوق. وتشير المعلومات إلى أن المحقق العدلي كان يريد توقيف فنيانوس منذ الأسبوع الماضي، حينَ حضر الوكيلان القانونيان للوزير السابق، المحاميان نزيه الخوري وأنطوني فرنجية، الجلسة التي كانت مخصصة للاستماع إلى موكلهما، وأثارا مسألة بطلان ورقة التبليغ، قبلَ أن يتقدما بدفوع شكلية. في تلكَ الجلسة، وقَع خلاف كبير بين المحاميين والقاضي الذي تلقّى الدفوع، ثم لمّح في ما بعد إلى أنه سيُصدِر المذكرة. وعليه، أُجريت اتصالات مع النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات الذي «أكد أنه رفع يده عن الملف»، فاستكمِلت الاتصالات مع المحامي العام التمييزي، القاضي غسان الخوري ورئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود، للتأكيد أن في هذا الأمر مخالفة قانونية.
وما إن تألّفت الحكومة، حتى عادَ الجميع لـ«يتهيّب» الخطوات التي سيقوم بها البيطار، وخاصة أن المعلومات تجزُم بأنه «ماضٍ بإجراءات تصعيدية من شأنها أن تشنّج الجو السياسي في البلاد». فبحسب ما قالت مصادر معنية بالملف أن «المحقق العدلي سيستفيد من الفترة الفاصلة ما بينَ تأليف الحكومة ونيلها الثقة»، مستنداً إلى «المادة 69 من الدستور، التي تقول بأن مجلس النواب يُصبِح عند استقالة الحكومة حكماً في دورة انعقاد استثنائية، حتى تأليف حكومة جديدة ونيلها الثقة»، وساعتئذٍ يُمكن ملاحقة النواب من دون الحاجة الى رفع الحصانة عنهم. وعليه ينوي البيطار «إصدار مذكرات توقيف بحق النواب: خليل وزعيتر والمشنوق، بالإضافة إلى فنيانوس ودياب».
من المتوقع أن تصيب قرارات البيطار الحكومة بارتدادات سلبية


ترتّب على ذلك، عقد اجتماعات بينَ المعنيين للبحث عن الوسائل القانونية التي من شأنها أن «تكبّل القاضي البيطار»، وقد عادَ خيار «تقديم دعوى ارتياب مشروعاً بحقه».
وقد علمت «الأخبار» أن هناك «احتمالاً كبيراً باعتماد هذا الخيار»، حيث «سيناقش مع المرجعيات السياسية، ومع دياب، على أن يُعقد اجتماع جديد في اليومين المقبلين لاتخاذ القرار الأخير». وبذلك سيصير لزاماً على البيطار تجميد كل نشاطه بعدَ تبليغه من محكمة التمييز طلب نقل الدعوى التي يتولاها الى قاضٍ آخر، بناء على طلب المدعى عليهم، إلى حين صدور قرار المحكمة، الذي سيكون غير قابل للمراجعة بأي شكل من الأشكال.
في انتظار المفاجآت التي ستطرأ على سير العمل في هذا الملف، لا بدّ من الإشارة إلى تطوّر باغَت القوى السياسية المعنية. وهو حضور قائد الجيش السابق جان قهوجي الجلسة التي كانت مخصصة للاستماع إليه بصفة مُدّعى عليه في حضور وكيله المحامي أنطوان طوبيا وفريق الادعاء الشخصي الذي يُمثل أهالي الضحايا والمتضررين. وقد تريّث البيطار باتخاذ إجراءات بحق قهوجي، مُحدداً جلسة استجواب أخرى في 28 من الشهر الجاري.
في هذا الإطار، لا يُمكن تجاهل التداعيات التي ستنتُج من أي قرار سيصدره البيطار، كما الخطوات التي سيلجأ إليها «المُدعى عليهم» في القضية، وخاصة أنها تأتي في توقيت سياسي بالِغ الحساسية. ونظراً الى موقع هؤلاء السياسي، فقد رجحت المصادر أن تصيب هذه القرارات أولاً حكومة ميقاتي الجديدة التي لا تزال في طور الإقلاع، وفقاً للآتي:
ــــ لن يستطيع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي القبول بتوقيف دياب. ليسَ لشخص الأخير نفسه، بل لكونه رئيساً سابقاً للحكومة، وخاصة بعد «صك الحماية» الذي أصدرته مرجعيات الطائفة السنية، الدينية والسياسية، لدياب.
ــــ لا شك أن «محاولة توقيف النواب ستصيب الحكومة بارتدادات سلبية، انطلاقاً من أن هؤلاء لهم من يمثّلهم سياسياً داخل مجلس الوزراء الذي لا شكّ أنه سيشهد انقساماً حاداً، بعد محاولات البعض في الفترة السابقة تصوير تفجير المرفأ كأنه استهداف لطائفة دون أخرى».