لم تكترث القاضية غادة عون بقرار النيابة العامة التمييزية كفّ يدها في ملف شحن الدولار إلى الخارج. أكملت النائبة العامة في جبل لبنان عملها كأنّ شيئاً لم يكن، معتبرة أنّ واجبها المضيّ في المواجهة حتى النهاية. ترقّبت القاضية المشاكسة الأشهر الأربعة التي مرّت في انتظار انتهاء التقرير التقني بشأن البيانات التي حصلت عليها من شركة مكتّف إثر دهمها مرات عدّة على مرأى من وسائل الإعلام، قبل أن تدّعي بجرائم تبييض الأموال على كل من شركة مكتف وميشال مكتف وأنطون صحناوي وبنك SGBL وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة وشركة PWC، معتبرة أنّ أفعال المتّهمين أدّت إلى «هدم الاقتصاد الوطني».
(أرشيف ـ مروان طحطح)

وقد خلُصت التقارير الفنية، بحسب مصادر التحقيق، إلى أن مصرف «سوسيتيه جنرال» حوّل نحو مليار دولار إلى خارج لبنان بعد بدء تدهور العملة الوطنية. وبحسب المصادر نفسها، رأت القاضية عون أنّ تحويل هذا المبلغ الضخم بعد شراء الدولارات بكميات كبيرة من العملة اللبنانية، التي تزوّد بها المصرف المذكور بقرار من حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، أدى إلى التسبب في «هدم الاقتصاد الوطني». واستندت إلى أرقام وجداول أعدّها خبير تقني خلصت إلى أنّ نسبة تحويلات المصرف تضاعفت عشرات المرات إثر تدهور سعر صرف الليرة. كما بيّن التقرير الفني أن شركة مكتّف حوّلت خلال فترة زمنية محددة نحو أربعة مليارات دولار، ولأنّ عون لم تتمكن من تحديد مصدر هذه الأموال أو الجهات التي نُقِلت إليها، رأت أنّ هذه الأموال المجهولة المصدر ينطبق عليها جرم تبييض الأموال.
التقرير الفني الذي أعدّه خبير في تكنولوجيا المعلومات كشف أيضاً أنّ هناك مصرفاً آخر، هو «بنك البحر المتوسط»، تضاعفت تحويلاته ثلاث مرات بعد اندلاع الأزمة، لكنها لم تدّعِ عليه في انتظار التوسع بالتحقيق. وعلمت «الأخبار« أنّ القاضية عون في صدد فتح تحقيقٍ بناءً على معلومات توافرت لديها لكشف كلّ التحويلات المصرفية التي أُجريت بعد 17 تشرين من لبنان إلى الخارج.
تحويلات «سوسيتيه جنرال» تضاعفت عشرات المرات إثر تدهور سعر صرف الليرة


صاحب شركة مكتف لشحن الأموال ميشال مكتف علّق على ادعاء القاضية غادة عون في قضية التحويلات المالية في حديث الى قناة «الجديد» بأنه «في الشكل، الادعاء غير ساري المفعول لأن المدعي العام التمييزي غسان عويدات كفّ يدها عن هذا الملف، وفي حال أخذ الادعاء مساره القانوني وجمّد العمل مع المؤسسات المدّعى عليها فذلك يشكل ضرراً كبيراً على عمل هذه المؤسسات، أما إذا كان الادعاء فارغاً فإن ذلك يشكل ضرراً كبيراً لصورة القضاء، ونحن في انتظار ما سيقرره القاضي نقولا منصور بعد ادعاء القاضية عون».
«الأخبار» حاولت التواصل مع مكتف وصحناوي، إلا أن محاولات الاتصال بهما لم تفض الى نتيجة.
تجدر الإشارة إلى أنّ القاضية عون استأنفت تحقيقاتها في ملف سحب الدولار من السوق وشحنه إلى الخارج، رغم قرار كفّ يدها الذي رأت أنه غير قانوني لكونه جاء خدمة لأصحاب المصارف الذين شاركوا في نهب المودعين. وبعدما طلبت من مكتف، صاحب إحدى أكبر شركات شحن الدولار، تزويدها بالأرقام والمبالغ التي شحنها لمصلحة مصرف «سوسيتيه جنرال» وغيره من المصارف، وامتناعه عن ذلك بحجّة السرية المصرفية، أصدرت إشارة بختم مكاتبه بالشمع الأحمر لاعتبار عدم تعاونه بمثابة عرقلة لسير العدالة، وقررت أن تدهم مكاتبه شخصياً. وبعدما تبلّغت بأن الشمع الأحمر فُكّ بقرار قضائي آخر، توجّهت عون على رأس قوة من أمن الدولة ومرافقيها إلى مكاتب مكتّف في عوكر. ولم تكترث لتعيين قاضٍ آخر هو سامر ليشع لتأخذ زمام القيادة منه وترفض تسليم التحقيق لسواها.